الواقعة في وسط الكلام، كقولك: أعمالكم وأما الأوّل فلم يتعلق به شيء، فكانت ألفه واقعة في الطرف معرضة للإمالة.
[(وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب: أبله من فلان، فجاز أن يكون فيه: أفعَل من كذا، وإن لم يُجز أن يُقال ذلك في المصاب ببصره، فإذا جعله كذلك لم يقع الألف في آخر الكلمة؛ لأن آخرها هو من كذا، وإنما تحسن الإمالة في الأواخر، وقد حُذف من أفعل الذي هو للتفضيل، الجار والمجرور، وهما مرادان في المعنى مع الحذف، كقوله تعالى: (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) [طه: ٧]، أي: أخفى من السر، كذلك قوله: (أَعْمَى)، أي: أعمى منه في الدنيا، ومعنى العمى في الآخرة: أنه لا يهتدي إلى طريق الثواب، ويؤكد لك ظاهر ما عُطف عليه من قوله: (وَأَضَلُّ سَبِيلاً)، فكما أن هذا لا يكون إلا على أفعل، كذلك المعطوف عليه، ومعنى (وَأَضَلُّ سَبِيلاً) في الآخرة أن ضلاله في الدنيا قد كان يُمكن الخروجُ منه، وضلاله في الآخرة لا سبيل له إلى الخروج منه.
قال صاحب "الانتصاف": هذه الآية قسيمةٌ، لقوله: (فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ) [الإسراء: ٧١]، فهو يتبصره ويقرؤه، ومن كان في الدنيا أعمى غير متبصر ولا ناظر في معاده فهو في الآخرة غير متبصر في كتابه، بل أعمى عنه أو أشد عمى على اختلاف التأويلين، فعلى هذا لا يكون قول المصنف: "لم خص أصحاب اليمين بقراءة كتابهم متوجها؟ ".
وقال القاضي: وتعليق القراءة بإيتاء الكتاب باليمين يدل على أن من أوتي كتابه بشماله إذا اطلع على ما فيه غشيهم من الخجل والحيرة ما يحبس ألسنتهم عن القراءة، ولذلك لم يذكرهم مع أن قوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى) أيضاً مُشعرٌ بذلك، فإن الأعمى لا يقرأ الكتاب.


الصفحة التالية
Icon