وقيل إدخاله فيما حمله من عظيم الأمر - وهو النبوّة - وإخراجه منه مؤديا لما كلفه من غير تفريط. وقيل: الطاعة. وقيل: هو عام في كل ما يدخل فيه وبلابسه من أمر ومكان (سُلْطاناً) حجة تنصرني على من خالفني، أو ملكا وعزا قويا ناصرا للإسلام على الكفر مظهرا له عليه، فأجيبت دعوته بقوله (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس)] المائدة: ٦٧ [، (فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ)] المائدة: ٥٦ [، (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)] التوبة: ٣٣ [، (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)] النور: ٥٥ [ووعده لينزعنّ ملك فارس والروم، فيجعله له. وعنه صلى الله عليه وسلم: أنه استعمل عتاب بن أسيد على أهل مكة وقال «انطلق فقد استعملتك على أهل الله» فكان شديدا على المريب، لينا على المؤمن وقال: لا والله لا أعلم متخلفا يتخلف عن الصلاة في جماعة إلا ضربت عنقه، فإنه لا يتخلف عن الصلاة إلا منافق. فقال أهل مكة: يا رسول الله، لقد استعملت على أهل الله عتاب بن أسيد أعرابيا جافياً، فقال صلى الله عليه وسلم: «إنى رأيت فيما يرى النائم كأنّ عتاب بن أسيد أتى باب الجنة، فأخذ بحلقة الباب فقلقلها قلقالاً شديداً حتى فتح له فدخلها، فأعز الله به الإسلام لنصرته المسلمين على من يريد ظلمهم، فذلك السلطان النصير».
[(وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)].
كان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما صنم كل قوم بحيالهم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: كانت لقبائل العرب يحجون إليها وينحرون لها، فشكا البيت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: هو عامٌ في كل ما يدخل فيه ويُلابسه من أمر ومكان)، هذا أقرب لسباق الكلام وسياقه. أما السباقُ. فكما قال: "يدل عليه ذكره على أثر ذكر البعث"، وأما السياق فعطفُ، (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي) على (أَقِمْ الصَّلاةَ)، وعطفُ (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً) على (أَدْخِلْنِي)، وكل ذلك يقتضي غير واحدةٍ من الحالات والأمكنة.
قوله: (فأجيبت دعوته)، الفاء فصيحة، يعني: أمره الله تعالى بالدعاء، فامتثل أمره ودعا، فأجيبت دعوتُه.


الصفحة التالية
Icon