أي: كائنًا من الحكمة، وأن يكون بدلًا من (ما) بإعادة الجار، و ﴿مِنَ﴾ على هذا الوجه تكون للتبعيض. و ﴿الْحِكْمَةِ﴾: القرآن، وسماه حكمة لأنه كلام محكم، لا مَدْخَلَ فِيهِ للفساد.
وقوله: ﴿فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا﴾ (فتلقى) في موضع نصب على جواب النهي، و ﴿مَلُومًا﴾ حال من المنوي فيه، وكذا ﴿مَدْحُورًا﴾ أو من المنوي في ﴿مَلُومًا﴾.
﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (٤٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ﴾ الهمزة للاستفهام ومعناه الإنكار والتوبيخ، أي: آثركم ربكم بالبنين، يقال: أصفاه بالشيء، إذا آثره به وخصه على وجه الخلوص والصفاء، أي: أفخصكم بالأجلِّ وجعل لنفسه الأدْوَنَ؟ وألف (أصفى) عن واو، لأنه من الصفوة، وإنما أُمِيلتْ لرجوعها إلى الياء: يصفي.
وقوله: ﴿وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا﴾ (اتخذ) هنا يحتمل أن يكون متعديًا إلى مفعول واحد، وهو ﴿إِنَاثًا﴾ كقوله: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ (١) و ﴿مِنَ الْمَلَائِكَةِ﴾ ويحتمل أن يكون من صلة (اتخذ)، وأن يكون حالًا من ﴿إِنَاثًا﴾ لتقدمه عليه، وهو في الأصل صفة له.
وأن يكون متعديًا إلى مفعولين، فيكون الثاني محذوفًا، أي: واتخذ من الملائكة إناثًا أولادًا، كقوله: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ (٢) أي: رَبًّا أو معبودًا.
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (٤١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا﴾ الجمهور على تشديد الراء، وقرئ:

(١) سورة البقرة، الآية: ١١٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٥١.


الصفحة التالية
Icon