وقوله: ﴿إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ﴾ جواب ﴿لَوْ﴾. ومفعول (أمسكتم) محذوف، أي: لأمسكتم يدكم أو أموالكم عند الصدقةِ والبذل. وقيل: هو لازم، أي: لبخِلْتُمْ (١). والإمساك: البخل، والممسك: البخيل، و ﴿خَشْيَةَ﴾: مفعول له، أي: لخشية الإِنفاق، والإنفاق ها هنا الفقر (٢)، يقال: أنفق الرجل وأمْلَق وأقْتر: إذا افتقر وذهب ماله، والإنفاق أيضًا: إخراج المال في وجوه الإِرادة.
وقوله: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا﴾ أي: بخيلًا ممسكًا، وسماهم قتورًا وإن كان فيهم الجواد، لأن كل جواد بخيل بالإضافة إلى جود الله وكرمه جلت قدرته.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا (١٠١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ (بينات) نعت لـ ﴿آيَاتٍ﴾، أو لـ ﴿تِسْعَ﴾، فتكون في موضع نصب.
وقوله: ﴿فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ اختلف في تأويله:
فقيل: التقدير فاسأل يا محمد بني إسرائيل عما جرى بين موسى - عليه السلام - وبين فرعون وقومه.
وقيل: التقدير فقلنا لموسى: سل بني إسرائيل، أي: سلهم مِن (٣)

(١) قاله الزمخشري ٢/ ٣٧٧. والعكبري ٢/ ٨٣٤.
(٢) أخرجه الطبري ١٥/ ١٧٠ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقتادة.
(٣) كذا (من) في الأصلين، وحرفت في المطبوع إلى (عن) دون إشارة. وأصل العبارة من الكشاف ٢/ ٣٧٧ وفيه (من) وقد حكاها السمين ٧/ ٤٢٠ عنه لكن أثبت المحقق الفاضل (عن) على الرغم من أنه أشار إلى سقط في العبارة. أقول: إن عبارة (سلهم عن فرعون) لا تفيد هنا معنى واضحًا. وأما (سلهم مِن فرعون) فمعناها: اطلبهم من فرعون. يؤيده ما أخرجه الطبري ١٥/ ١٧٣ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (أنه كان يقرأ (فسَال) بمعنى: فَسَأَلَ موسى فرعونَ بني إسرائيل أن يرسلهم). قال ابن عطية ١٠/ ٣٥٣: أي طلبهم لينجيهم من =


الصفحة التالية
Icon