وقوله: ﴿بَصَائِرَ﴾ انتصابها على الحال من ﴿هَؤُلَاءِ﴾، أي: عِبَرًا ودلالات، أو على المفعول له، أي: للعبر (١).
وقوله: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ أي: لأعلم وأتيقن، وإنَّما جيء بلفظ الظن دون العلم لأجل التشاكل. و ﴿مَثْبُورًا﴾: مفعول ثان للظن، وكذا ﴿مَسْحُورًا﴾ (٢)، والمثبور: المُهْلَكُ، ثَبَرْتُهُ، أي: أهلكته، والمثبور أيضًا: المحبوس عن الخير المصروف عنه، من قولهم: ما ثبرك عن هذا؟ أي: ما منعك وصرفك (٣)؟
﴿فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (١٠٣) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (١٠٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿جَمِيعًا﴾ حال من فرعون ومن معه.
وقوله: ﴿جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ حال أيضًا بمعنى: جميعًا، وهو فعيل بمعنى الجمع، وهم المختلطون من كل شكل، يقال: جاؤوا بلفهم ولفيفهم، أي: وأخلاطهم، وهم المجتمعون من قبائل شتى. وقيل: هو مصدر كالنكير والنذير، فيكون مصدرًا في موضع الحال، أي: مجتمعين، أو: ذوي لفيف (٤).
﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (١٠٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ﴾ الباء من صلة ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾، أي: أنزلنا القرآن بالحق، أي: بسبب إثبات الحق وإقامته. وقد جوز أن تكون في موضع الحال، إما من الفاعل بمعنى: أنزلناه ملتبسين بالحق أو محققين،

(١) اقتصر المعربون على الأول لدلالة المعنى عليه.
(٢) من الآية التي قبلها.
(٣) هذا المعنى للفراء ٢/ ١٣٢. والذي قبله لأبي عبيدة ١/ ٣٩٢. والزجاج ٣/ ٢٦٣.
(٤) انظر المعنيين في جامع البيان ١٥/ ١٧٧. والتبيان ٢/ ٨٣٥.


الصفحة التالية
Icon