بشهادة قولها: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} (١). أو الرفع على تقدير: ومما يتلى عليك نبأ التي حفظت فرجها.
وقوله: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا﴾ أي في مريم، على معنى: فنفخنا الروح في عيسى فيها، أي أحييناه في جوفها، وقال في موضع آخر: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ﴾ (٢) أي في الجيب، على ما فسر أن جبريل - عليه السلام - أخذ بجيبها ونفخ فيه (٣).
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً﴾ (آية) مفعول ثان لجعل. واختلف في التقدير لأجل توحيد الآية:
فقيل: التقدير: وجعلناها آيةً [وابنها آية]، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه (٤).
وقيل التقدير: وجعلنا قصتهما آية (٥).
وقيل: التوحيد لأجل أن حالهما بمجموعهما آية وأعجوبة واحدة، وهي ولادتها إياه من غير فحل (٦).
﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ الجمهور على رفع قوله: ﴿أُمَّتُكُمْ﴾ على خبر ﴿إِنَّ﴾، ونصب قوله: ﴿أُمَّةً﴾ على الحال، والعامل فيها ما في ﴿هَذِهِ﴾ من معنى الفعل، والفائدة منوطة بالصفة وهي ﴿وَاحِدَةً﴾.

(١) سورة مريم، الآية: ٢٠.
(٢) سورة التحريم، الآية: ١٢.
(٣) انظر جامع البيان ٢٨/ ١٧٢.
(٤) هذا على مذهب. سيبويه كما في إعراب النحاس ٢/ ٣٨٠. ومشكل مكي ٢/ ٨٦.
(٥) قاله ابن عطية ١١/ ١٦٣ مقتصرًا عليه. وانظر القرطبي ١١/ ٣٣٨.
(٦) قاله الزجاج ٣/ ٤٠٤. ولم يذكر الزمخشري ٣/ ٢٠ غيره.


الصفحة التالية
Icon