قال: ﴿أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، فالأبصار الثانية مفسرة لها وموضحة، فهي على هذا مبتدأ، ﴿شَاخِصَةٌ﴾ خبره، ﴿أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مبينة لها (١).
وقيل: هي ضمير الساعة، أي: فإذا القيامة، ثم ابتدأ فقال: شاخصة أبصار الذين كفروا، يعضد هذا الوجه قول من جوز الوقف على ﴿هِيَ﴾ (٢).
وقوله: ﴿يَاوَيْلَنَا﴾ في موضع نصب بقالوا المذكور المقدر. وقال الزمخشري: تقديره: يقولون يا ويلنا، و (يقولون) في موضع الحال من ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، أي: قائلين ذلك (٣).
﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ (ما) موصولة عطف على اسم (إنَّ)، والخبر ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾. والحصب: اسم الشيء المرمي من حطب وغيره، يقال: حصبته، أي: رميته، وهو بمعنى المحصوب، كالقبض بمعنى المقبوض. وقيل: الحصب: الحطب بلغة حبشة (٤).
وقرئ: (حَصْبُ) بإسكان الصاد (٥) تسمية للمفعول بالمصدر كخَلْقِ اللهِ، وضَرْبِ الأميرِ.

(١) هذا هو الوجه الثاني عند الفراء ٢/ ٢١٢.
(٢) انظر هذا الوجه أيضًا في زاد المسير ٥/ ٣٩٠. وجامع القرطبي ١١/ ٣٤٢.
(٣) الكشاف ٣/ ٢١.
(٤) قاله عكرمة كما في معالم التنزيل ٣/ ٢٦٩. وفي معاني الفراء ٢/ ٢١٢. وجامع البيان ١٧/ ٩٥ أنه كذلك بلغة أهل اليمن. وفي المعرّب / ٨٣/ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كذلك بالزنجية. وكلها واحد.
(٥) قرأها ابن السميفع كما في المحتسب ٢/ ٦٦. والمحرر الوجيز ١١/ ١٦٧. ونسبها ابن الجوزي ٥/ ٣٩٠ - ٣٩١ إلى أبي مجلز، وأبي رجاء، وابن محيصن.


الصفحة التالية
Icon