﴿وَآتُوا﴾ خطاب لأولياء اليتيم والأوصياء (١)، وقوله ﴿الْيَتَامَى﴾ ولا يتم بعد البلوغ (٢)، ولكنه من باب الاستعارة، كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَأُلقِىَ الْسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠)﴾ (٣) ولا سحر مع السجود، ولكن سموا بما كانوا عليه قبل السجود، كذلك قوله تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ أي: من كانوا يتامى إذا بلغوا، ﴿آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾. نظيره قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَابْتُلُوا الْيَتَامَى﴾.
﴿أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ يعني: ولا تستبدلوا مالهم الحرام عليكم بالحلال لكم (٤)، نظيره قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿قُل لَا يَسْتَوِى الْخَبِيْثُ وَالْطَيِّبُ﴾ (٥).
واختلفوا في معنى هذا التبدل، وكيفيته: فقال سعيد بن المسيب، والنخعي، والزهري، والسدي، والضحاك: كان أوصياء اليتامى وأولياؤهم يأخذون الجيد والرفيع من مال اليتيم، ويجعلون مكانه

(١) قاله مقاتل بن حيان، انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن أبي حاتم ٣/ ٨٥٤.
(٢) إشارة من المصنف إلى حديث علي رضي الله عنه عن النبي - ﷺ -: "لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل" رواه أبو داود في كتاب الوصايا، باب: ما جاء متى ينقطع اليتم (٢٨٧٣)، والطبراني في "المعجم الصغير" ١/ ١٦٩ (٢٦٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٦/ ٥٧، والطبراني في "المعجم الكبير" ٤/ ١٤، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٤/ ٣٣٤: رجاله ثقات. وصححه الألباني في "إرواء الغليل" ٥/ ٧٩.
(٣) الأعراف: ١٢٠.
(٤) في (م)، (ت): بأموالكم الحلال عليكم، وفي المطبوع من "معالم التنزيل" للبغوي ٢/ ١٦٠: أي مالهم الَّذي هو حرام عليكم بالحلال من أموالكم.
(٥) المائدة: ١٠٠.


الصفحة التالية
Icon