وأما النصب فعلى أن يجعل النجوى فعلًا، ويكون قوله ﴿إِلَّا﴾ استثناء من غير الجنس، فيكون وجهه النصب، كما قال النابغة:
إلا أواري لأيا (١).. البيت.
وقد يكون من (٢) في موضع رفع، وإن رددت على خلافها، كما قال:

وبلدة ليس بها أنيسِ إلا اليعافير وإلا العيسِ (٣)
١١٥ - قوله عز وجل: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾
نزلت في طعمة بن أبيرق أيضًا، وذلك أنَّه لما نزل القرآن فيه، وعلم قومه أنَّه ظالم، خاف هو على نفسه من القطع والفضيحة هرب إلى مكة، فأنزل الله تعالى فيه: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾ أي: يخالفه، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ أي: التوحيد والحدود، ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يقول: غير دين المؤمنين، دين أهل مكة عبادة الأوثان، ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ أي: نكله في الآخرة إلى ما تولى في الدنيا، ﴿وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾، فلم يتب طعمة ولم يراجع
(١) في (ت): ما أبينها، وفي هامش (م): والنوى كالحوض بالمظلومة الجلد.
والبيت في "ديوانه" (ص ٣٠)، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٨٨.
(٢) ساقطة من (م)، (ت).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٨٨، "الدر المصون" للسمين الحلبي ١١/ ٣٣، ورجح الطبري في "جامع البيان" ٥/ ٢٧٧ أن تجعل (من) في موضع خفض، ردًّا على قوله: ﴿مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾، فيكون المراد بالنجوى هنا جماعة المتناجين.


الصفحة التالية
Icon