الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} (١).
﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ﴾: رفع بخبر حرف الصفة (٢)، يعني: ومن الذين هادوا قوم سماعون، وإن شئتَ جعلته خبر ابتداء مضمر -أي: هم سماعون، ﴿لِلْكَذِبِ﴾ قيل: اللام بمعنى إلى، وكان أبو حاتم يقول: اللام في: ﴿لِلْكَذِبِ﴾ لام كي، أي: يسمعون لكي يكذبوا عليك، والسلام في قوله: ﴿لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾ لام أَجل -أي: من أَجل قوم آخرين.
﴿لَمْ يَأْتُوكَ﴾ وهم أهل خيبر ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾ جمع: الكلمة ﴿مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾ أي: من بعد وضعه (٣) كقوله: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ (٤)، وإنما ذكر الكناية ردًّا إلى لفظ الكلم (٥)، وقرأ علي - رضي الله عنه -

(١) من قوله:
فوضع ابن صوريا يده ، إلى هنا ذكره ابن إسحاق في "السيرة".
انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ١٠٣.
(٢) كذا في النسخ، والمراد أنَّ: ﴿سَمَّاعُونَ﴾ مرفوعة بـ (ش)، ولا تكون (ش) متصلة بما قبلها في المعنى، كقوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ [فاطر: ٣٢].
انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٠٨.
(٣) في (ت): مواضعه.
(٤) البقرة: ١٧٧.
(٥) كلام المصنف هنا فيه غموض، يوضحه نص كلام الطبري في "جامع البيان" ٦/ ٢٣٦، حيث قال:.. فقال تعالى ذكره: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾ يعني: هؤلاء اليهود، والمعنى: حكم الكلم، فاكتفى بذكر الخبر من تحريف الكلم عن ذكر =


الصفحة التالية
Icon