فضقت بها ذرعًا، وعرفت أن من الناس من يكذبني"، وكان يهاب قريشًا واليهود والنصارى، فأنزل الله هذِه الآية (١).
وقيل: لما نزل قوله: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ سكت النبي - ﷺ - عن عيب آلهتهم، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ (٢)، يعني: من معائب آلهتهم.
وقيل: نزلت في عيب اليهود، وذلك أن النبي - ﷺ - دعا اليهود إلى الإسلام، فقالوا: أسلمنا قبلك، وجعلوا يستهزءون، ويقولون: تريد أن نتخذك حنانًا، كما اتخذت النصارى عيسى حنانًا، فلما رأى النبي - ﷺ - ذلك سكت فحرَّض الله على دعائهم إلى الإسلام، وأمره أن يقول لهم (٣) ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ الآية.
قال الحسين بن الفضل: وهذا أولى الأقاويل؛ لأنه ليس بين قوله ﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ وبين قوله ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ فصل، فلما نزلت هذِه الآية قال النبي - ﷺ -: "لا أبالي من خذلني ومن نصرني" (٤).

(١) رواه أبو الشيخ عنه، كما في "الدر المنثور" للسيوطي ٢/ ٥٢٨، وذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص ٢٠٤) بدون إسناد.
وقد أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" ٥/ ٥٠٢ عن أبي هريرة، ثم قال: غريب بهذا اللفظ عن أبي هريرة.
(٢) الأثر لم أعرف قائله.
(٣) من (ت).
والأثر ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ٣/ ٧٨.
(٤) أخرج قول النبي - ﷺ - الطبري في "جامع البيان" ٦/ ٣٠٨، ولفظه: "من شاء فليخذلني". مرتين أو ثلاثًا.


الصفحة التالية
Icon