أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا أريد حينئذٍ أن أتيقن الخبر من قبلهما. فأذن لي رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، فجئت لأبوي فقلت لأمي: يا أمه ماذا (١) يتحدث النَّاس؟ فقالت: أي بُنَيّة هوني عليك فوالله لقلَّما كانت امرأة قط وضيئة (٢) عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها. قلت: سبحان الله أو قد تحدث النَّاس بهذا؟ قالت: نعم. قالت: فمكثت تلك الليلة حتَّى أصبحت لا يَرْقأُ لي (٣) دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي. ودعا رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد يسألهما (٤) واستشارهما في فراق أهله.
فأما أسامة - رضي الله عنه - فأشار على رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود. فقال: يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيراً. وأمَّا على فقال: لم يُضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بريرة. فقال: "يا بريرة (٥) هل رأيت من شيء يريبك من أمر عائشة؟ " فقالت له بريرة: والذي بعثك بالحق إنْ رأيت عليها قط

(١) في (ح): ما.
(٢) بوزن عظيمة من الوضاءة أي: حسنة جميلة.
انظر: "فتح الباري" لابن حجر ٨/ ٤٦٧.
(٣) من (م)، (ح)، والمعنى لا ينقطع ولا يسكن.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ٢٤٨.
(٤) في (م)، (ح): بدلًا منها: حين استلبث الوحي.
(٥) في (ح): أي.


الصفحة التالية
Icon