وعلى هذين القولين ﴿إِلَّا﴾ استثناء) (١) صحيح على وجهه، نحو قولك ما سار أحدٌ من الناس إلا أخوك، فهو إثبات للأخ من السير ما هو منفي عن كل أحدٍ من الناس وكذلك قوله ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ نفي عن أن يكون لأحد حجة قبل رسول الله - ﷺ - وأصحابه بسبب تحولهم إلى الكعبة ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ من قريش فإن لهم قبلهم حجَّةً لما ذكرنا (٢).
ومعنى (الحجة) في هذين القولين: الخصومة والدعوى الباطلة. كقوله: ﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ﴾ (٣) أي: لا خصومة، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ﴾ (٤) ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ﴾ (٥) و ﴿تُحَاجُّونَ﴾ (٦) (٧) و ﴿حَاجَجْتُمْ﴾ (٨) كلها بمعنى المخاصمة والمجادلة لا بمعنى الدليل والبرهان.

= ١/ ١٣٨، "معالم التنزيل" للبغوي ١/ ١٦٥، "زاد المسير" لابن الجوزي ١/ ١٥٩، "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٢٢٥، "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ٢/ ١٢٣، "البحر المحيط" لأبي حيان ١/ ٦١٤.
(١) في (ج)، (ش): الاستثناء.
(٢) "جامع البيان" للطبري ٣/ ٢٠٤.
(٣) الشورى: ١٥.
(٤) البقرة: ١٣٩.
(٥) البقرة: ٧٦.
(٦) آل عمران: ٥٥، ٦٦.
(٧) في (ت): (يحاجون) أراد الآية ١٦ من سورة الشورى.
(٨) آل عمران: ٦٦.


الصفحة التالية
Icon