وهي في معنى الجمع، والتشديد (١) أيضًا (٢).
فمن تأوله على القطع والتفريق، ففي الكلام تقديم وتأخير، تقديره (٣): فخذ أربعة من الطير (إليك) (٤) فصرهن (٥). ومن فَسَّرَه على الضم، والإمالة، ففيه إضمار، معناه: فصرهن إليك ثم قطعهن. فَحَذَفَه، واكتفى بقوله: ﴿ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا﴾ لأنه يدل عليه، وهذا كما تقول: خذ هذا الثوب واجعل على كل رمح عندك منه عَلَمًا. تريد: قَطِّعهُ، واجعل على كل رمح عَلَمًا (٦).
﴿ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا﴾ لفظه عام، ومعناه خاص؛ لأن أربعة من الطير لا تبلغ الجبال كلها، ولا كان إبراهيم يصل إلى ذلك، وهذا كقوله -عز وجل-: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (٧)، وقوله تعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ (٨)

= ﴿فَصُرْهُنَّ﴾، ﴿فَصِرِّهُنَّ﴾، والأربع الباقية قراءات شاذة، وهي: (فَصَرِّهُنَّ)، (فَصَرَهُنَ) و (فَصُرَّهُنَ) و (فَصِرِّهُنَّ).
(١) في (ح): والشر.
(٢) ساقطة من (ت).
(٣) في (ح): تقديرها.
(٤) زيادة من (أ)، وهي في "جامع البيان" للطبري، "الحجة للقراء السبعة".
(٥) في (ت) زيادة: إليك.
وانظر "جامع البيان" للطبري ٣/ ٥٢، "الحجة" لأبي على الفارسي ٢/ ٣٩٣.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٣٨٤ "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة (ص ٩٦) "جامع البيان" للطبري ٣/ ٥٢ "معاني القرآن" للنحاس ١/ ٢٨٦ - ٢٨٨.
(٧) النمل: ٢٣.
(٨) الأحقاف: ٢٥.


الصفحة التالية
Icon