ودليل الشافعيّ وأصحابه ما روي عن الزهريّ، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم سألت النبي - ﷺ - فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يتمسك على الراحلة، فهل يجزئ أن أحج عنه؟ قال: "نعم" قالت: هل ينفعه ذلك؟، فقال النبي - ﷺ -: "أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أما كان يجزئ"؟، قالت: نعم، قال: "فدين الله أحق" (١).
فأوجب النبيّ - ﷺ - الحج بطاعة ابنته إياه وبذلها نفسها له بأن تحجّ عنه، فإذا وجب ذلك بطاعة البنت له كان بأن تجب عليه بقدرته على المال الذي يستأجر به أولي.
فأما إن بذل له المال دون الاستطاعة، فالصحيح أن لا يلزمه قبوله والحج به عن نفسه، ولا يصير ببذل المال له مستطيعًا (٢).
فأما من به مرض يرجى زواله: كالبرسام (٣) والحمى الشديدة

= قدامة ٣/ ١٧٧ - ١٨٠، "الأم" للشافعي ٢/ ١١٣، "الفتاوى" لابن تيمية ٢٦/ ١٢ - ١٤، "الخرشي على مختصر سيدي خليل" ٢/ ٢٨٥ - ٢٨٧.
(١) التخريج:
سبق تخريجه.
وانظر: "السنن الكبرى" للبيهقيّ ٥/ ١٧٩.
(٢) انظر: "المجموع" للنووي ٧/ ٧٥، "المهذّب" للشيرازي ٢/ ٦٧٤.
(٣) البرسام: ورم حار يعرض للحاجب الذي بين الكبد والأمعاء.
انظر: "تاج العروس" للزبيدي ١٦/ ٤٨، "شمس العلوم" لنشوان بن سعيد الحميري ١/ ٤٩٧ (برسم).


الصفحة التالية
Icon