" صفحة رقم ٢٣٢ "
بدار فرعون، كما دلّ عليه قوله له المحكي في آية سورة الشعراء ( ١٨ ) :( قال ألم نربّك فينا وليداً ولبثتَ فينا من عمرك سنين الآية. ولعلّ موسى هو الذي تولى الكلام وهارون يصدقه بالقول أو بالإشارة.
وإضافته الرب إلى ضميرهما لأنّهما قالا له إنّا رسولا ربّك ( ( طه : ٤٧ ).
وأعرض عن أن يقول : فمن ربي ؟ إلى قوله ) فمن ربُّكما ( إعراضاً عن الاعتراف بالمربوبية ولو بحكاية قولهما، لئلا يقع ذلك في سمع أتباعه وقومه فيحسبوا أنه متردد في معرفة ربّه، أو أنه اعترف بأنّ له ربّاً. وتولى موسى الجواب لأنّه خصّ بالسؤال بسبب النّداء له دون غيره.
وأجاب موسى بإثبات الربوبية لله لجميع الموجودات جرياً على قاعدة الاستدلال بالكلية على الجزئية بحيث ينتظم من مجموعهما قياس، فإن فرعون من جملة الأشياء، فهو داخل في عموم ) كل شيء ).
و ) كُلَّ شَيْءٍ ( مفعول أول ل ) أَعْطَى ). و ) خَلْقَهُ ( مفعوله الثاني.
والخلق : مصدر بمعنى الإيجاد. وجيء بفعل الإعطاء للتنبيه على أنّ الخلق والتكوين نعمة، فهو استدلال على الربوبية وتذكير بالنعمة معاً.
ويجوز أن يكون الخلق بالمعنى الأخصّ، وهو الخَلق على شكل مخصوص، فهو بمعنى الجَعْل، أي الذي أعطى كل شيء من الموجودات شكله المختصّ به، فكُونت بذلك الأجناسُ والأنواع والأصناف والأشخاص من آثار ذلك الخلق.
ويجوز أن يكون ) كُلَّ شَيْءٍ ( مفعولاً ثانياً ل ) أَعْطَى ( ومفعوله الأول ) خَلْقَهُ (، أي أعطى خلقه ما يحتاجونه، كقوله :( فأخرجنا به نبات كل شيء ( ( الأنعام : ٩٩ ). فتركيب الجملة صالح للمعنيين.


الصفحة التالية
Icon