" صفحة رقم ٢٤٥ "
والاستفهام في ) أجِئْتَنَا ( إنكاري، ولذلك فرّع عليه القسم على أن يأتيه بسحر مثله، والقسم من أساليب إظهار الغضب.
واللام لام القسم، والنون لتوكيده. وقصد فرعون من مقابلة عمل موسى بمثله أن يزيل ما يخالج نفوس الناس من تصديق موسى وكونه على الحق، لعلّ ذلك يفضي بهم إلى الثورة على فرعون وإزالته من ملك مصر.
وفرّع على ذلك طلب تعيين موعد بينه وبين موسى ليُحضر له فيه القائمين بسحر مثل سحره.
والموعد هنا يجوز أن يراد به المصدر الميمي، أي الوعد وأن يراد به مكان الوعد، وهذا إيجاز في الكلام.
وقوله ) مكاناً ( بدل اشتمال من ) موعداً ( بأحد معنييه، لأنّ الفعل يقتضي مكاناً وزماناً فأبدل منه مكانُه.
وقوله ) لا نُخْلِفُهُ ( في قراءة الجمهور برفع الفعل صفةً ل ) موعداً ( باعتبار معناه المصدري. وقرأه أبو جعفر بجزم الفاء من ( نخلفْه ) على أن ( لا ) ناهية. والنهي تحذير من إخلافه.
و ) سِوىً ( قرأه نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي بكسر السين. وقرأه عاصم، وحمزة، وابن عامر، ويعقوب، وخلف بضم السين وهما لغتان، فالكسر بوزن فِعَل، قال أبو عليّ : وزن فِعَل يقلُّ في الصفات، نحو : قوم عِدىً. وقال أبو عبيدة، وأبو حاتم، والنحاس : كسر السين هو اللغة العالية الفصيحة، وهو اسم وصف مشتق من الاستواء : فيجوز أن يكون الاستواء استواء التوسط بين جهتين. وأنشد أبو عبيدة لموسى ابن جابر الحنفي :
وإن أبانا كانَ حلّ ببلدة
سِوىً بين قيسسٍ قيس عيلان والفِزْر


الصفحة التالية
Icon