" صفحة رقم ٢٤٩ "
الساعة تقييداً لمطلق الأمر بإلانة القول، كما أذن لمحمد ( ﷺ ) بقوله :( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا الآيات في سورة الحج ( ٣٩ ) ؛ وإما لأنه لما رأى تمويههم على الحاضرين أنّ سحرهم معجزة لهم من آلهتهم ومن فرعون ربّهم الأعلى وقالوا : بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ( ( الشعراء : ٤٤ ) رأى واجباً عليه تغيير المنكر بلسانه بأقصى ما يستطيع، لأن ذلك التغيير هو المناسب لمقام الرسالة.
ويجوز أن تكون كلمة ) وَيْلَكُمْ ( مستعملة في التعجب من حال غريبة، أي أعجبُ منكم وأحذركم، كقول النبي ( ﷺ ) لأبي بصير :( ويلُ أُمهُ مسعر حرب ) فحكى تعجب موسى باللفظ العربي الدال على العجب الشديد.
والويل : اسم للعذاب والشر، وليس له فعل.
وانتصب ) وَيْلَكُمْ ( إما على إضمار فعل على التحذير أو الإغراء، أي الزموا ويلكم، أو احذروا ويلكم ؛ وإما على إضمار حرف النداء فإنهم يقولون : يا ويلنا، ويا ويلتنا. وتقدم عند قوله تعالى :( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم في سورة البقرة ( ٧٩ ).
والإفتراء : اختلاق الكذب. والجمع بينه وبين كَذِباً ( للتأكيد، وقد تقدم عند قوله تعالى :( ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب في سورة المائدة ( ١٠٣ ).
والافتراء الذي عناه موسى هو ما يخيّلونه للناس من الشعوذة، ويقولون لهم : انظروا كيف تحرّك الحبل فصار ثعباناً، ونحو ذلك من توجيه التخيّلات بتمويه أنها حقائق، أو قولهم : ما نفعله تأييد من الله لنا، أو قولهم : إن موسى كاذب وساحر، أو قولهم : إن فرعون إلههم، أو آلهة فرعون آلهة. وقد كانت مقالات كفرهم أشتاتاً.


الصفحة التالية
Icon