" صفحة رقم ٢٥٤ "
وقرأ ابن كثير بسكون نون ( إنْ ) على أنها مخففة من الثقيلة وبإثبات الألف في ( هذان ) وبتشديد نون ( هاذانّ ).
وأما قراءة أبي عمرو وحده ) إنَّ هذَيْن بتشديد نون ( إنّ ) وبالياء بعد ذال هذين. فقال القرطبي : هي مخالفة للمصحف. وأقل : ذلك لا يطعن فيها لأنّها رواية صحيحة ووافقت وجهاً مقبولاً في العربيّة.
ونزول القرآن بهذه الوجوه الفصيحة في الاستعمال ضرب من ضروب إعجازه لتجري تراكيبه على أفانين مختلفة المعاني متحدة المقصود. فلا التفات إلى ما روي من ادعاء أن كتابة إن هاذان خطأ من كاتب المصحف، وروايتِهم ذلك عن أبانَ بن عثمان بن عفّان عن أبيه، وعن عروة بن الزبير عن عائشة، وليس في ذلك سند صحيح. حسبوا أنّ المسلمين أخذوا قراءة القرآن من المصاحف وهذا تغفّل، فإن المصحف ما كتب إلاّ بعد أن قرأ المسلمون القرآن نيّفاً وعشرين سنة في أقطار الإسلام، وما كتبت المصاحف إلاّ من حفظ الحفّاظ، وما أخذ المسلمون القرآن إلاّ من أفواه حُفّاظه قبل أن تكتب المصاحف، وبعد ذلك إلى اليوم فلو كان في بعضها خطأ في الخطّ لما تبعه القراء، ولكان بمنزلة ما تُرك من الألفات في كلمات كثيرة وبمنزلة كتابة ألف الصلاة، والزكاة، والحياة، والرّبا بالواو في موضع الألف وما قرأوها إلاّ بألِفاتها.
وتأكيد السحرة كونَ موسى وهارون ساحرين بحرف ( إنّ ) لتحقيق ذلك عند من يخامره الشكّ في صحّة دعوتهما.
وجعل ما أظهره موسى من المعجزة بين يدي فرعون سحراً لأنّهم يطلقون السحر عندهم على خوارق العادات، كما قالت المرأة الّتي


الصفحة التالية
Icon