" صفحة رقم ١٠٩ "
منذ أول هذا القرن الرابع عشر أن راعي الغنم له في كل عام قميص وحذاء يسمى ( بلغة ) ونحو ذلك لا أضبطه الآن.
وقوله ) فإن أتممت عشراً فمن عندك ( جعل ذلك إلى موسى تفضلا منه أن اختاره ووكله إلى ما تكون عليه حاله في منتهى الحجج الثمان من رغبة في الزيادة.
و ( من ) ابتدائية. و ( عند ) مستعملة في الذات والنفس مجازاً، والمجرور خبر مبتدأ محذوف، والتقدير : فإتمام العشر من نفسك، أي لا مني، يعني : أن الإتمام ليس داخلاً في العقدة التي هي من الجانبين فكان مفهوم الظرف معتبراً هنا.
واحتج مالك بقوله ) إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين ( على أن للأب إنكاح ابنته البكر بدون إذنها وهو أخذ بظاهرها إذ لم يتعرض لاستئذانها. ولمن يمنع ذلك أن يقول : إن عدم التعرض له لا يقتضي عدم وقوعه.
وقوله ) ستجدني إن شاء الله من الصالحين ( يريد الصالحين بالناس في حسن المعاملة ولين الجانب. قصد بذلك تعريف خلقه لصاحبه، وليس هذا من تزكية النفس المنهي عنه لأن المنهي عنه ما قصد به قائله الفخر والتمدح، فأما ما كان لغرض في الدين أو المعاملة فذلك حاصل لداع حسن كما قال يوسف ) اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ( ( يوسف : ٥٥ ).
و ) أشق عليك ( معناه : أكون شاقاً عليك، أي مكلفك مشقة، والمشقة : العسر والتعب والصعوبة في العمل. والأصل أن يوصف بالشاق العمل المتعب فإسناد ) أشق ( إلى ذاته إسناد مجازي لأنه سبب المشقة، أي ما أريد أن أشترط عليك ما فيه مشقتك. وهذا من السماحة الوارد فيها حديث :( رحم الله امرأ سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى.. ).
وجملة ) قال ذلك بيني وبينك ( حكاية لجواب موسى عن كلام شعيب. واسم الإشارة إلى المذكور وهو ) أن تأجرني ثماني حجج ( إلى آخره. وهذا قبول موسى لما أوجبه شعيب وبه تم التعاقد على النكاح وعلى الإجارة، أي الأمر على ما شرطت علي وعليك. وأطلق ) بيني وبينك ( مجازاً في معنى الثبوت واللزوم والارتباط، أي كل فيما هو من عمله.


الصفحة التالية
Icon