" صفحة رقم ١١٧ "
( ٣٥ ).
استجاب الله له دعوتيه وزاده تفضلاً بما لم يسأله فاستجابة الدعوة الثانية بقوله ) سنشد عضدك بأخيك (، واستجابة الأولى بقوله ) فلا يصلون إليكما (، والتفضل بقوله ) ونجعل لكما سلطاناً (، فأعطى موسى ما يماثل ما لهارون من المقدرة على إقامة الحجة إذ قال ) ونجعل لكما سلطاناً ). وقد دل على ذلك ما تكلم به موسى عليه السلام من حجج في مجادلة فرعون كما في سورة الشعراء، وهنا وما خاطب به بني إسرائيل مما حكي في سورة الأعراف. ولم يحك في القرآن أن هارون تكلم بدعوة فرعون على أن موسى سأل الله تعالى أن يحلل عقدة من لسانه كما في سورة طه، ولا شك أن الله استجاب له.
والشد : الربط، وشأن العامل بعضو إذا أراد أن يعمل به عملاً متعباً للعضو أن يربط عليه لئلا يتفكك أو يعتريه كسر، وفي ضد ذلك قال تعالى ) ولما سقط في أيديهم ( ( الأعراف : ١٤٩ ) وقولهم : فُتَّ في عضده، وجعل الأخ هنا بمنزلة الرباط الذي يشد به. والمراد : أنه يؤيده بفصاحته، فتعليقه بالشد ملحق بباب المجاز العقلي. وهذا كله تمثيل لحال إيضاح حجته بحال تقوية من يريد عملاً عظيماً أن يشد على يده وهو التأييد الذي شاع في معنى الإعانة والإمداد، وإلا فالتأييد أيضاً مشتق من اليد. فأصل معنى ( أيد ) جعل يداً، فهو استعارة لإيجاد الإعانة.
والسلطان هنا مصدر بمعنى التسلط على القلوب والنفوس، أي مهابة في قلوب الأعداء ورعباً منكما كما ألقى على موسى محبة حين التقطه آل فرعون. وتقدم معنى السلطان حقيقة في قوله تعالى ) فقد جعلنا لوليه سلطاناً ( في سورة الإسراء ( ٣٣ ).
وفرع على جعل السلطان ) فلا يصلون إليكما ( أي لا يؤذونكما بسوء وهو القتل ونحوه. فالوصول مستعمل مجازاً في الإصابة. والمراد : الإصابة بسوء، بقرينة المقام.
وقوله ) بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ( يجوز أن يكون ) بآياتنا ( متعلقاً


الصفحة التالية
Icon