" صفحة رقم ٢٤٨ "
( ٣٨ ).
لما جرى ذكر أهل مدين وقوم لوط أكملت القصص بالإشارة إلى عاد وثمود إذ قد عرف في القرآن اقتران هذه الأمم في نسق القصص. والواو عاطفة قصة على قصة.
وانتصاب ) عاداً ( يجوز أن يكون بفعل مقدَّر يدل عليه السياق، تقديره : وأهلكنا عاداً، لأن قوله تعالى آنفاً ) فأخذتهم الرجفة ( ( العنكبوت : ٣٧ ) يدل على معنى الإهلاك، قاله الزجاج وتبعه الزمخشري. ومعلوم أنه إهلاك خاص من بطش الله تعالى، فظهر تقدير : وأهلكنا عاداً.
ويجوز أن يقدر فعل ( واذكر ) كما هو ظاهر ومقدر في كثير من قصص القرآن.
ويجوز أن يكون معطوفاً على ضمير ) فأخذتهم الرجفة ( ( العنكبوت : ٣٧ ) والتقدير : وأخذت عاداً وثمودا. وعن الكسائي أنه منصوب بالعطف على ) الذين من قبلهم ( من قوله تعالى ) ولقد فتنا الذين من قبلهم ( ( العنكبوت : ٣ ). وهذا بعيد لطول بعد المعطوف عليه. والأظهر أن نجعله منصوباً بفعل تقديره ( وأخذنا ) يفسره قوله ) فكلاًّ أخذنا بذنبه ( ( العنكبوت : ٤٠ ) لأن ( كلاً ) اسم يعم المذكورين فلما جاء منتصباً ب ) أخذنا ( تعين أن ما قبله منصوب بمثله وتنوين العوض الذي لحق ( كلاً ) هو الرابط وأصل نسج الكلام : وعاداً وثموداً وقارون وفرعون الخ... كلهم أخذنا بذنبه.
وجملة ) وقد تبين لكم من مساكنهم ( في موضع الحال أو هي معترضة. والمعنى : تبين لكم من مشاهدة مساكنهم أنهم كانوا فيها فأهلكوا عن بكرة أبيهم.
ومساكن عاد وثمود معروفة عند العرب ومنقولة بينهم أخبارها وأحوالها ويمرون علهيا في أسفارهم إلى اليمن وإلى الشام.