" صفحة رقم ٢٥٧ "
يَا لَبَكْر انشروا لي كليبا
وقول الحارث الضبي أحد أصحاب الجمل :
رُدوا علينا شيخَنا ثم بَجل
يريد : عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلا استبعاد في هذا المحمل. والفاء في قوله :( فَطَفِقَ ( تعقيبية، وطفق من أفعال الشروع، أي فشرع.
و ) مَسْحاً ( مصدر أقيم مقام الفعل، أي طفق يمسح مَسحاً. وحرف التعريف في ) بالسُّوققِ والأعناقِ ( عوض عن المضاف إليه، أي بسوقها وأعناقها كقوله تعالى :( فإن الجنة هي المأوى ( ( النازعات : ٤١ ). والمسح حقيقته : إمرار اليد على الشيء لإِزالة ما عليه من غبش أو ماء أو غبار وغير ذلك مما لا يراد بقاؤه على الشيء ويكون باليد وبخرقة أو ثوب، وقد يطلق المسح مجازاً على معان منها : الضرب بالسيف يقال : مسحه بالسيف. ويقال : مسحَ السيفَ به. ولعل أصله كناية عن القتل بالسيف لأن السيف يمسح عنه الدم بعد الضرب به.
والسُّوق : جمع ساق. وقرأه الجمهور بواو ساكنة وبوزن فُعْل مثل : دار ودُور، ووزن فُعل في جمع مثلِه قليل. وقرأه قنبل عن ابن كثير وأبو جعفر ( السُّؤق ) بهمزة ساكنة بعد السين جمع : سأق بهمزة بعد السين وهي لغة في ساق.
و ) الأعناق ( : جمع عنق وهو الرقبة. والباء في ) بالسُّوقِ ( مزيدة للتأكيد، أي تأكيد اتصال الفعل بمفعوله كالتي في قوله تعالى :( وامسحوا برؤوسكم ( ( المائدة : ٦ ) وفي قول النابغة :
لك الخير إن وارت بك الأرض واحدا
وأصبح جد الناس يضلع عاثرا
وقد تردد المفسرون في المعنى الذي عنى بقوله :( فَطَفِق مسْحَاً بالسُّوققِ والأعناقِ، ( فعن ابن عباس والزهري وابن كيسان وقطرب : طفق يمسح أعراف الخيل وسوقها بيده حُبًّا لها. وهذا هو الجاري على المناسب لمقام نبيءٍ والأوفق بحقيقة