" صفحة رقم ٢٧١ "
ووصفه ب ) بَارِدٌ ( إيماء إلى أن به زوال ما بأيوب من الحمى من القروح. قال النبي ( ﷺ ) ( الحُمى من فَيْح جهنم فأطفئوها بالماء )، أي نافع شاف، وبالتنوين استُغني عن وصف ) شراب ( إذ من المعلوم أن الماء شراب فلولا إرادة التعظيم بالتنوين لكان الإِخبار عن الماء بأنه شراب إخباراً بأمر معلوم، ومرجع تعظيم ) شراب ( إلى كونه عظيماً لأيوب وهو شفاء ما به من مرض.
اقتصار أيوب في دعائه على التعريض بإزالة النُّصْب والعذاب يشعر بأنه لم يُصب بغير الضر في بدنه. ويحتمل أن يكون قد أصابه تلف المال وهلاك العيال كما جاء في كتاب ( أيوب ) من كتب اليهود فيكون اقتصاره على النُّصْب والعذاب في دعائه لأن في هلاك الأهل والمال نُصْباً وعذاباً للنفس. ولم يتقدم في هذه الآية ولا في آية سورة الأنبياء أن أيوب رُزِىءَ أهله فيجوز أن يكون معنى ) ووهبنا له أهله ومثلهم معهم ( أن الله أبقى له أهله فلم يصب فيهم بما يكره وزاده بنين وحفدة.
ويكون فعل ) وهبنا ( مستعملاً في حقيقته ومجازه. ويؤيد هذا المحمل وقوع كلمة ) معهم ( عقب كلمة ) ومثلهم ( فإن ( مع ) تشعر بأن الموهوب لاحق بأهله ومزيد فيهم فليس في الآية تقدير مضاف في قوله :( ووهبنا له أهله ).
وليس في الأخبار الصحيحة ما يخالف هذا إلا أقوالاً عن المفسرين ناشئة عن أفهام مختلفة. ويحتمل أن يكون مما أصابه أنه هلَك وأولاده في مدة ضرّه كما جاء في كتاب ( أيوب ) من كتب اليهود وأقوال بعض السلف من المفسرين فيتعين تقدير مضاف، أي وهبنا له عوض أهله. وألفاظ الآية تنبو عن هذا الوجه الثاني.