" صفحة رقم ٢٧٥ "
ورواه غير أبي داود بأسانيد مختلفة وعبارات مختلفة. وما هي إلا قصة واحدة فلا حجة فيه لأنه تطرقته احتمالات.
أولها : أن ذلك الرجل كان مريضاً مضنى ولا يُقام الحد على مثله.
الثاني : لعلّ المرض قد أخل بعقله إخلالاً أقدمه على الزنا فكان المرض شبهة تدْرأ الحدَّ عنه.
الثالث : أنه خبر آحاد لا ينقض به التواتر المعنوي الثابتُ في إقامة الحدود.
الرابع : حمله على الخصوصية. ومذهب الشافعي أنه يعمل بذلك في الحد للضرورة كالمرض وهو غريب لأن أحاديث النبي ( ﷺ ) وأقوال السلف متضَافرة على أن المريض والحامل يُنتظران في إقامة الحد عليهما حتى يبرآ، ولم يأمر النبي ( ﷺ ) بأن تضرب الحامل بشماريخ، فماذا يفيد هذا الضرب الذي لا يزجر مُجرماً، ولا يدفع مأثماً، وفي ( أحكام الجصّاص ) عن أبي حنيفة مثل ما للشافعي. وحكى الخطابي أن أبا حنيفة ومالكاً اتفقا على أنه لا حدّ إلا الحد المعروف. فقد اختلف النقل عن أبي حنيفة.
علة لجملة ) اركض برجلِكَ ( ( ص : ٤٢ ) وجملة ) ووهبنا له أهلهُ ( ( ص : ٤٣ )، أي أنعمنا عليه بجبر حاله، لأنا وجدناه صابراً على ما أصابه فهو قدوة للمأمور بقوله :( اصبر على ما يقولون ( ( المزمل : ١٠ ) ( ﷺ ) فكانت ( إِنَّ ) مغنية عن فاء التفريع.
ومعنى ) وجدناهُ ( أنه ظهر في صبره ما كان في علم الله منه.
وقوله :( نِعم العبد إنَّهُ أوَّابٌ ( مثل قوله في سليمان ) نِعم العبد إنَّه أوَّابٌ ( ( ص : ٣٠ )، فكان سليمان أوَّاباً لله من فتنة الغنى والنعيم، وأيوب أوَّاباً لله من فتنة الضرّ والاحتياج، وكان الثناء عليهما متماثلاً لاستوائهما في الأوبة وإن اختلفت الدواعي. قال سفيان : أثنى الله على عبدين ابتليا : أحدهما صابر، والآخر شاكر، ثناءً واحداً. فقال لأَيوب ولسليمان ) نِعْمَ العبد إنَّه أوَّابٌ ).


الصفحة التالية
Icon