" صفحة رقم ٢٨٦ "
( ٥٧ ٥٨ )
اسم الإِشارة هنا جار على غالب مواقعه وهو نظير قوله :( هذا ما توعدون ليوم الحساب ( ( ص : ٥٣ ) والقول فيه مثله. وإشارة القريب لتقريب الإِنذار والمشار إليه ما تضمنه قوله :( جهنَّم يصلونها ( ( ص : ٥٦ ) من الصلي ومن معنى العذاب، أو الإِشارة إلى شرّ من قوله :( لَشَرَّ مئابٍ ( ( ص : ٥٥ ).
و ) حميم ( خبر عن اسم الإِشارة. ومعنى الجملة في معنى بدل الاشتمال لأن شر المآب أو العذاب مشتمل على الحميم والغساق وغيرِه من شكله، والمعنى : أن ذلك لهم لقوله :( وإنّ للطاغِينَ لشرَّ مَئابٍ ( ( ص : ٥٥ ) فما فُصل به شر المآب وعذاب جهنم فهو في المعنى معمول للام. والحميم : الماء الشديد الحرارة.
والغَساق : قرأه الجمهور بتخفيف السين. وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف بتشديدها. قيل هما لغتان وقيل : غَسَّاق بالتشديد مبالغة في غَاسق بمعنى سائل، فهو على هذا وصف لموصوف محذوف وليس اسماً لأن الأسماء التي على زنة فَعَّال قليلة في كلامهم.
والغساق : سائل يسيل في جهنم، يقال : غَسَق الجُرح، إذا سال منه ماء أصفر. وأحسب أن هذا الاسم بهذا الوزن أطلقه القرآن على سائل كريه يُسْقَوْنه كقوله :( بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب ( ( الكهف : ٢٩ ). وأحسب أنه لم تكن هذه الزنة من هذه المادة معروفة عند العرب، وبذلك يومىء كلام الراغب. وهذا سبب اختلاف المفسرين في المراد منه. والأظهر : أنه صيغ له هذا الوزن ليكون اسماً لشيء يشبه ما يغسِقَ به الجرح، ولذلك سمّي بالمهل والصديد في آيات أخرى.
وجملة ) فَلْيَذُوقُوهُ ( معترضة بين اسم الإِشارة والخبر عنه، وهذا من الاعتراض