" صفحة رقم ٣٠٠ "
واعتقادهم أن الرسول ( ﷺ ) ساحر أو مجنون. وعلم من هذا أن ذكر نبأ خلق آدم قصد به الإِنذار من كيد الشيطان. وقرأ أبو جعفر ) إلاَّ إنَّما ( بكسر همزة ) إنما ( على تقدير القول، أي ما يوحى إلا هذا الكلام.
( ٧١ ٧٤ ) ) (
موقع ) إذْ قالَ ربُّكَ للملائِكة ( صالح لأن يكون استئنافاً فإذا جعلنا النبأ بمعنى نبأ أهل المحشر الموعود به فيكون ) إذْ قَالَ ( متعلقاً بفعل محذوف تقديره : أُذكر، على أسلوب قوله :( وإنك لتلقى القرآن من لَدُن حكيم عليم إذ قال موسى لأهله إني آنست ناراً ( ( النمل : ٦، ٧ )، ونظائِرِه.
فإمّا على جعل النبأ بمعنى نبأ خلق آدم فإن جملة ) إذْ قال ربك ( بدل من ) إذْ يختصمون ( ( ص : ٦٩ ) بدلَ بعض من كل لأن مجادلة الملأ الأعلى على كلا التفسيرين المتقدمين غير مقتصرة على قضية قصة إبليس، فقد روى الترمذي بسنده عن مالك بن يخامر عن النبي ( ﷺ ) حديثاً طويلاً في رؤيا النبي ( ﷺ ) ( أنه رأى ربه تعالى فقال له : يا محمد فِيمَ يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : لا أدري. قالها ثلاثاً. ثم قال بعد الثالثة بعد أن فتح الله عليه، قلت : في الكفارات. قال : ما هن ؟ قلت مشي الأقدام إلى الحسنات والجلوس في المساجد ). وذكرَ أشياء من الأعمال الصالحة ( ولم يذكر اختصامهم في قضية خلق آدم ). وقال الترمذي هو حديث حسن صحيح وقال عن البخاري : إنه أصح من غيره مما في معناه ولم يخرجه البخاري في ( صحيحه ) وليس في الحديث أنه تفسير لهذه الآية، وإنما جعله الترمذي في كتاب ( التفسير ) لأن ما ذُكر فيه بعضٌ مما يختصم فيه أهل الملأ الأعلى مراد به اختصام خاص هو ما جرى بينهم في قصة خلق آدم والمقاولة بين الله وبين الملائكة لأن قوله :( فَسَجَدَ الملائكةُ ( يقتضي أنهم قالوا كلاماً دَل على أنهم أطاعوا الله فيما أمرهم به، بل ورد في سورة البقرة تفصيل ما جرى من قول الملائكة فهو يبيّن ما