" صفحة رقم ٣٠٧ "
وإنما تعريفه حِلية لفظية إشارة إلى ما يعرفه السامع من أن الحق ما هو وتقدم بيانه في أول الفاتحة.
وقرأه عاصم وحمزة بالرفع على أنه لمَّا تعرف باللام غلبت عليه الاسمية فتنوسي كونه نائباً عن الفعل. وهذا الرفع إما على الابتداء، أي فالحق قولي، أو فالحق لأملأنّ جهنم الخ، على أن تكون جملة القَسَم قائمة مقام الخبر، وإمّا على الخبرية، أي فقولي الحقّ وتكون جملة ) لأملأنَّ جهنَّمَ ( مُفسر القول المحذوف، ولا خلاف في نصب الحق من قوله :( والحق أقول. ( وتقدم تفصيل ذلك في أول سورة الفاتحة.
وجملة ) لأملأنَّ جهنَّمَ منكَ ( الخ مبيّنة لجملة ) فالحق ( وهي مؤكدة بلام القسم والنون.
وتقدم المفعول في ) والحق أقول ( للاختصاص، أي ولا أقول إلا الحق.
و ( مِن ) في قوله :( منك وممن تبعك ( بيانية وهي التي تدخل على التمييز وينتصب التمييز بتقدير معناها. وتدخل على تمييز ( كَم ) في نحو ) كم أهلكنا من قبلهم من قرن ( ( ص : ٣ )، وهي هنا بيان لما دل عليه ) لأملأن ( من مقدار مبهم فبيّن بآية ) منك وممن تبعك ( ولما كان شأن مدخول ( من ) البيانية أن يكون نكرة تعين اعتبار كاف الخطاب في معنى اسم الجنس، أي من جنسك الشياطين إذ لا تكون ذات إبليس مِلأً لجهنم. وإذ قد عطف عليه ) وممن تبعك منهم أي من تبعك من الذين أغويتهم من بني آدم، فلا جائز أن يبْقى من عدَا هذين من الشياطين والجِنة غير مِلْءٍ لجهنم.
وأجْمعينَ ( توكيد لضمير ) مِنْكَ ( و ( لمَن ) في قوله :( ومِمَّن تَبِعَكَ.
واعلم أن حكاية هذه المقاولة بين كلام الله وبين الشيطان حكاية لما جرى في خَلد الشيطان من المدارك المترتبة المتولدة في قرارة نفسه، وما جرى في إرادة الله من المسببات المترتبة على أسبابها من خواطر الشيطان لأن العالم الذي جرت فيه هذه الأسباب ومسبباتها عالم حقيقة لا يجري فيه إلا الصدق ولا مطمع فيه لترويج


الصفحة التالية
Icon