" صفحة رقم ٢٦٢ "
الإلحاق مثل نضّ الثوب بمعنى نضى أو مشتقة من عباب الماء فالتضعيف في الباء أصلي ).
وفي رواية ابن أبي حاتم بسنده إلى ابن عمر ( طاف رسول الله يوم فتح مكة ثم خطبهم في بطن المسيل فذكر الحديث وزاد فيه أن الله يقول :( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ( إلى ) إن الله عليم خبير ).
وجملة ) إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم ( مستأنفة استئنافاً ابتدائياً وإنما أخّرت في النظم عن جملة إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، لتكون تلك الجملة السابقة كالتوطئة لهذه وتتنزل منها منزلة المقدمة لأنهم لما تساوَوا في أصل الخلقة من أب واحد وأم واحدة كان الشأن أن لا يفضُل بعضهم بعضاً إلا بالكمال النفساني وهو الكمال الذي يرضاه الله لهم والذي جعل التقوى وسيلته ولذلك ناط التفاضل في الكرم ب ) عند الله ( إذ لا اعتداد بكرم لا يعبأ الله به.
والمراد بالأكرم : الأنْفَس والأشَرف، كما تقدم بيانه في قوله :( إني ألقي إلى كتاب كريم ( في سورة النمل.
والأتقى : الأفضل في التقوى وهو اسم تفضيل صيغ من اتَّقى على غير قياس.
وجملة ) إن الله عليم خبير ( تعليل لمضمون ) إن أكرمكم عند الله أتقاكم ( أي إنما كان أكرمكم أتقاكم لأن الله عليم بالكرامة الحق وأنتم جعلتم المكارم فيما دون ذلك من البطش وإفناء الأموال في غير وجه وغير ذلك الكرامة التي هي التقوى خبير بمقدار حظوظ الناس من التقوى فهي عنده حظوظ الكرامة فلذلك الأكرم هو الأتقى، وهذا كقوله :( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ( ( النجم : ٣٢ ) أي هو أعلم بمراتبكم في التقوى، أي التي هي التزكية الحق. ومن هذا الباب قوله :( الله أعمل حيث يجعل رسالاته ( ( الأنعام : ١٢٤ ).
علم أن قوله :( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ( لا ينافي أن تكون للناس مكارم أخرى في المرتبة الثانية بعد التقوى مما شأنه أن يكون له أثر تزكية في النفوس مثل حسن التربية ونقاء النسب والعرافة في العلم والحضارة وحسن السمعة في الأمم وفي