" صفحة رقم ٢٦٨ "
وهذا إيماء إلى بيان قوله :( ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ( ( الحجرات : ١٤ )، أي من أجل ما يخالجكم ارتياب في بعض ما آمنتم به مما اطلّع الله عليه.
وقوله :( أولئك هم الصادقون ( قصر، وهو قصر إضافي أيضاً، أي هم الصادقون لا أنتم في قولكم ) آمناً ).
أعيد فعل ) قل ( ليدل على أن المقول لهم هذا هم الأعراب الذين أمر أن يقول لهم ) لم تؤمنوا ( إلى آخره، فأعيد لَمَّا طال الفصل بين القولين بالجمل المتتابعة، فهذا متصل بقوله :( ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ( اتصالَ البيان بالمبين، ولذلك لم تعطف جملة الاستفهام.
وجملة ) قل ( معترضة بين الجملتين المبيِّنة والمبَّينة.
قيل : إنهم لمَّا سمعوا قوله تعالى :( قل لم تؤمنوا ( الآية جاؤوا إلى النبي ( ﷺ ) وحلَفوا أنهم مؤمنون فنزل قوله :( قل أتعلمون الله بدينكم ولم يرو بسند معروف وإنما ذكره البغوي تفسيراً ولو كان كذلك لوبَّخهم الله على الأيمان الكاذبة كما وبَّخ المنافقين في سورة براءة بقوله ) وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يُهلكون أنفسهم ( الآية. ولم أر ذلك بسند مقبول، فهذه الآية مما أمر رسول الله ( ﷺ ) بأن يقوله لهم.
والتعليم مبالغة في إيصال العلم إلى المعلَّم لأن صيغة التفعيل تقتضي قوة في حصول الفعل كالتفريق والتفسير، يقال : أعْلَمَهُ وعلّمه كما يقال : أنباه ونَبَّأه. وهذا يفيد أنهم تكلفوا وتعسفوا في الاستدلال على خلوص إيمانهم ليقنعوا به الرسول ( ﷺ ) الذي أبلغهم أن الله نفى عنهم رسوخ الإيمان بمحاولة إقناعه تدل إلى محاولة إقناع الله بما يعلم خلافه.
وباء ) بدينكم ( زائدة لتأكيد لصوق الفعل بمفعوله كقوله تعالى :( وامسحوا برؤوسكم ( وقول النابغة :