" صفحة رقم ٣٤٠ "
وهذا أظهر ما تُؤَوَّلُ به الآية.
وفي إفراد لفظ ) الأرض ( دون أن يُؤتى به جمعاً كما أُتي بلفظ السماوات إيذان بالاختلاف بين حاليهما.
والوجه الثاني : أن يكون المعطوف ) مثلهن ( ويكون قوله :( ومن الأرض ( بياناً للمثل فمصدق ) مثلهن ( هو ) الأرض ). وتكون ) مِن ( بيانية وفيه تقديم البيان على المبيّن، وهو وارد غير نادر.
فيجوز أن تكون مماثلة في الكُروية، أي مثل واحدة من السماوات، أي مثل كوكب من الكواكب السبعة في كونها تسير حول الشمس مثل الكواكب فيكون ما في الآية من الإِعجاز العلمي الذي قدمنا ذكره في المقدمة العاشرة.
وجمهور المفسرين جعلوا المماثلة في عدد السبع وقالوا : إن الأرض سبع طبقات فمنهم من قال هي سبع طبقات مُنبسطة تفرق بينها البحار. وهذا مروي عن ابن عباس من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه، ومنهم من قال هي سبع طباق بعضُها فوق بعض وهو قول الجمهور. وهذا يقرب من قول علماء طبقات الأرض ( الجيولوجيا )، من إثبات طبقات أرضية لكنها لا تصل إلى سبع طبقات.
وفي ( الكشاف ) ( قيل ما في القرآن آية تدل على أن الأرضين سبع إلا هذه ) اه. وقد علمت أنها لا دلالة فيها على ذلك.
وقال المازري في كتابه ( المُعلم ) على ( صحيح مسلم ) عند قول النبي ( ﷺ ) في كتاب الشفعة :( من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه من سبع أرضين يوم القيامة ).
كان شيخنا أبو محمد عبد الحميد كتب إليّ بعدَ فراقي له : هل وقع في الشرع عما يدل على كون الأرض سبعاً، فكتبت إليه قولُ الله تعالى :( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ( وذكرت له هذا الحديث فأعاد كتابه إليّ يذكر فيه أن الآية محتملة هل مثلهن في الشكل والهيئة أو مثلهن في العدد. وأن الخبر من أخبار الآحاد، والقرآن إذا احتمل والخبر إذا لم يتواتر لم يصح القطع بذلك، والمسألة ليست من العمليات فيتمسك فيها بالظواهر وأخبارِ الآحاد، فأعدت


الصفحة التالية