" صفحة رقم ٢٢٧ "
أن المعنى بل تكامل علمهم في الآخرة لأنهم رأوا كل ما وعدوا به معاينة فتكامل علمهم به والقول الآخر أن المعنى : بل تتابع علمهم اليوم في الآخرة فقالوا تكون وقالوا لا تكون القراءة الثانية فيها أيضا قولان : أحدهما أن معناه كمل في الآخرة وهو مثل الأول قال مجاهد : معناه يدرك علمهم في الآخرة ويعلمونها إذا عاينوها حين لا ينفعهم علمهم لأنهم كانوا في الدنيا مكذبين والقول الآخر أنه على معنى الإنكار وهو مذهب أبي إسحاق وإستدل على صحة هذا القول بأن بعده بل هم منها عمون أي لم يدرك علمهم علم الآخرة وقيل : بل ضل وغاب علمهم في الآخرة فليس لهم فيها علم والقراءة الثالثة : بل ادرك فهي بمعنى بل ادارك وقد يجيء افتعل وتفاعل بمعنى ولذلك صحح ازدوجوا حين كان بمعنى تزاوجوا القراءة الرابعة : ليس فيها إلا قول واحد يكون فيه معنى الإنكار كما تقول : أأنا قاتلتك فيكون المعنى لم يدرك وعليه ترجع قراءة بن عباس قال بن عباس : بلى أدارك علمهم في الآخرة أي لم يدرك قال الفراء : وهو قول حسن كأنه وجهه إلى الإستهزاء بالمكذبين بالبعث كقولك لرجل تكذبه : بلى لعمري قد أدركت السلف فأنت تروى ما لا أروي وأنت تكذبه وقراءة سابعة : بل ادرك بفتح اللام عدل إلى الفتحة لخفتها وقد حكى نحو ذلك عن قطرب في قم الليل فإنه عدل إلى الفتح وكذلك وبع الثوب ونحوه وذكر الزمخشري في الكتاب : وقرئ بل أأدرك بهمزتين بل آأدرك بألف بينهما بلى أأدرك أم تدارك أم أدرك فهذه ثنتا عشرة قراءة ثم أخذ يعلل وجوه القراءات وقال : فإن قلت فما وجه قراءة بل أأدرك على الإستفهام قلت : هو استفهام على وجه الإنكار لإدراك علمهم وكذلك من قرأ : أم أدرك وأم تدارك لأنها أم التي بمعنى بل والهمزة وأما من قرأ : بلى أأدرك على الإستفهام فمعناه بلى يشعرون متى يبعثون ثم أنكر علمهم بكونها وإذا أنكر علمهم بكونها لم يتحصل لهم شعور وقت كونها لأن العلم بوقت الكائن تابع للعلم بكون الكائن في الآخرة في شأن الآخرة ومعناها ) بل هم في شك منها ( أي في الدنيا ) بل هم منها عمون ( أي بقلوبهم واحدهم عمو وقيل : عم وأصله عميون حذفت الياء لإلتقاء الساكنين ولم يجز تحريكها لثقل الحركة فيها