ومريم والفرقان}. و﴿مَن﴾ في موضع نصب على الاستثناء المنقطع، أي لكن من آمن وعمل صالحا فإيمانه وعمله يقربانه مني. وزعم الزجاج أنه في موضع نصب بالاستثناء على البدل من الكاف والميم التي في ﴿ تُقَرِّبُكُمْ ﴾. النحاس : وهذا القول غلط ؛ لأن الكاف والميم للمخاطب فلا يجوز البدل، ولو جاز هذا لجاز : رأيتك زيدا. وقول أبي إسحاق هذا هو قول الفراء. إلا أن الفراء لا يقول بدل لأنه ليس من لفظ الكوفيين، ولكن قول يؤول إل ذلك، وزعم أن مثله ﴿ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ يكون منصوبا عنده بـ ﴿ينفع﴾. وأجاز الفراء أن يكون ﴿مَن﴾ في موضع رفع بمعنى : ما هو إلا من أمن، كذا قال، ولست أحصل معناه. ﴿ فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا ﴾ يعني قوله :﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ فالضعف الزيادة، أي لهم جزاء التضعيف، وهو من باب إضافة المصدر إلى المفعول. وقيل : لهم جزاء الأضعاف، فالضعف في معنى الجمع، وإضافة الضعف إلى الجزاء كإضافة الشيء إلى نفسه، نحو : حق اليقين، وصلاة الأولى. أي لهم الجزاء المضعف، للواحد عشرة إلى ما يريد الله من الزيادة.
وبهذه الآية استدل من فضل الغنى على الفقر. وقال محمد بن كعب : إن المؤمن إذا كان غنيا تقيا أتاه الله أجره مرتين بهذه الآية ﴿ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ قراءة العامة ﴿ جَزَاءُ الضِّعْفِ ﴾ بالإضافة. وقرأ الزهري ويعقوب ونصر بن عاصم ﴿جزاءَ﴾ منونا منصوبا ﴿الضُعف﴾ رفعا ؛ أي فأولئك لهم الضعف جزاء، على التقديم والتأخير. ﴿ جَزَاءُ الضِّعْفِ ﴾ على أن يجازوا الضعف. و ﴿ جَزَاءٌ الضِّعْفِ ﴾ مرفوعان، الضعف بدل من جزاء. وقرأ الجمهور ﴿ فِي الْغُرُفَاتِ ﴾ على الجمع، وهو اختيار أبى عبيد ؛ لقوله :﴿ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً ﴾. الزمخشري : وقرئ ﴿ فِي الْغُرُفَاتِ ﴾ بضم الراء وفتحها وسكونها. وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة وخلف ﴿في الغرفة﴾ على التوحيد ؛ لقوله تعالى :﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ ﴾ والغرفة قد يراد بها اسم الجمع واسم الجنس. قال ابن عباس : هي غرف