قيل : يقرن كل كافر مع شيطان في غل، بيانه قوله :﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ [الصافات : ٢٢] يعني قرناءهم من الشياطين. وقيل : إنهم الكفار يجمعون في الأصفاد كما اجتمعوا في الدنيا على المعاصي.
قوله تعالى :﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ﴾ أي قميصهم، عن ابن دريد وغيره، واحدها سربال، والفعل تسربلت وسربلت غيري ؛ قال كعب بن مالك :

تلقاكم عصب حول النبي لهم من نسج داود في الهيجا سرابيل
"من قطران" يعني قطران الإبل الذي تهنأ به ؛ قال الحسن. وذلك أبلغ لاشتعال النار فيهم. وفي الصحيح : أن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من فطران ودرع من جرب. وروي عن حماد أنهم قالوا : هو النحاس. وقرأ عيسى بن عمر :"قطران" بفتح القاف وتسكين الطاء. وفيه قراءة ثالثة : كسر القاف وجزم الطاء ؛ ومنه قول أبي النجم :
جون كان العرق المنتوحا لبسه القطران والمسوحا
وقراءة رابعة :"من قطران" رويت عن ابن عباس وأبي هريرة وعكرمة وسعيد بن جبير ويعقوب ؛ والقطر النحاس والصفر المذاب ؛ ومنه قوله تعالى :﴿آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً﴾ [الكهف : ٩٦]. والآن : الذي قد انتهى إلى حره ؛ ومنه قوله تعالى :﴿وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ [الرحمن : ٤٤]. ﴿وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ أي تضرب ﴿وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ فتغشيها قوله تعالى :﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ﴾ أي بما كسبت. ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ تقدم.
قوله تعالى :﴿هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ﴾ أي هذا الذي أنزلنا إليك بلاغ ؛ أي تبليغ وعظة. ﴿وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ أي ليخوفوا عقاب الله عز وجل، وقرئ. ﴿وَلِيُنْذَرُوا﴾ بفتح الياء والذال، يقال : نذرت بالشيء أنذر إذا علمت به فاستعددت له، ولم يستعملوا منه مصدرا كما لم يستعملوا من عسى وليس، وكأنهم استغنوا بأن والفعل كقولك : سرني أن نذرت بالشيء. {وَلِيَعْلَمُوا


الصفحة التالية
Icon