" صفحة رقم ٢٣٢ "
الناس من جهة التمثيل أكفاء
أبوهم آدم والأم حواء
) فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ( هذا أمر إباحة، والمعنى : بولاية ملاكهن. والمراد بالنكاح هنا : العقد، ولذلك ذكر إيتاء الأجر بعده أي المهر. وسمي ملاك الإماء أهلاً لهن، لأنهم كالأهل، إذ رجوع الأمة إلى سيدها في كثير من الأحكام. وقد قال ( ﷺ ) ) :) لاَ تُحِلُّواْ بِاللَّهِ حَسِيباً مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ ). وقال ( ﷺ ) ) :) مَوَالِىَ الْقَوْمَ مِنْهُمْ ).
وقيل : هو على حذف مضاف بإذن أهل ولايتهن، وأهل ولاية نكاحهن هم الملاك. ومقتضى هذا الخطاب أنّ الأدب شرط في صحة النكاح، فلو تزوجت بغير إذن السيد لم يصح النكاح، ولو أجازه السيد بخلاف العبد. فإنه لو تزوج بغير إذن سيده فإن مذهب الحسن وعطاء، وابن المسيب، وشريح، والشعبي، ومالك، وأبي حنيفة : أنّ تزوجه موقوف على إذن السيد، فإن أجازه جاز، وإن ردَّه بطل. وقال الأوزاعي، والشافعي، وداود : لا يجوز، أجازه المولى أو لم يجزه.
وأجمعوا على أنه لا يجوز نكاح العبد بغير إذن سيده، وكان ابن عمر يعده زانياً ويحدّه، وهو قول : أبي ثور.
وقال عطاء : لا حد عليه، وليس بزنا، ولكنه أخطأ السنة. وهو قول أكثر السلف. وظاهر قوله : بإذن أهلهن أنه يشمل الملاك ذكوراً وإناثاً، فيشترط إذن المرأة في تزويج أمتها، وإذا كان المراد بالإذن هو العقد فيجوز للمرأة أن تزوج أمتها وتباشر العقد، كما يجوز للذكر. وقال الشافعي : لا يجوز، بل توكل غيرها في التزويج. وقال الزمخشري : بإذن أهلهن، اشترط الإذن للموالي في نكاحهن، ويحتج به لقول أبي حنيفة : إنَّ لهن أن يباشرن العقد بأنفسهن، لأنه اعتبر إذن الموالي لا عقدهم.
( وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ ( الأجور هنا المهور. وفيه دليل على وجوب إيتاء الأمة مهرها لها، وأنها أحق بمهرها من سيدها، وهذا مذهب مالك، قال : ليس للسيد أن يأخذ مهر أمته ويدعها بلا جهاز. وجمهور العلماء : على أنه يجب دفعه للسيد دونها. قيل : الإماء وما في أيديهن مال الموالي، فكان أداؤه إليهن أداء إلى الموالي. وقيل : على حذف مضاف أي : وآتوا مواليهن. وقيل : حذف بإذن أهلهن بعد قوله :) وَمَن لَّمْ ( لدلالة قوله :) فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ( عليه وصار نظيراً ) لَحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ( أي فروجهن، ( وَالذكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذكِراتِ ( أي الله كثيراً.
وقال بعضهم : أجورهن نفقاتهن. وكون الأجور يراد بها المهور هو الوجه، لأن النفقة تتعلق بالتمكين لا بالعقد. وظاهر قوله : بالمعروف، أنه متعلق بقوله : وآتوهن أجورهن. قيل : ومعناه بغير مطل وضرار، وإخراج إلى اقتضاء ولز. وقيل : معناه بالشرع والسنة أي : المعروف من مهور أمثالهن اللاتي ساوينهن في المال والحسب. وقيل : بالمعروف، متعلق بقوله : فانكحوهن، أي : فانكحوهن بالمعروف بإذن أهلهن، ومهر مثلهن، والإشهاد على ذلك. فإن ذلك هو المعروف في غالب الأنكحة.
( مُحْصَنَات ( أي عفائف، ويحتمل مسلمات.
( غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ ( أي غير معلنات بالزنا.
( وَلاَ مُتَّخِذَاتِ ( أي : ولا متسترات بالزنا مع أخدانهن. وهذا تقسيم الواقع لأن الزانية إما أن تكون لا ترديد لامس، وإما أن تقتصر على واحد، وعلى هذين النوعين كان زنا الجاهلية. قال ابن عباس : كان قوم يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي منه. والخدن : هو الصديق للمرأة يزني بها سراً، فنهى الله تعالى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن. وانتصاب محصنات على الحال، والظاهر أنّ العامل فيه : وآتوهن، ويجوز على هذا الوجه أن يكون معنى محصنات مزوجات أي : وآتوهن أجورهن في حال تزويجهن، لا في حال سفاح، ولا اتخاذ خدن. قيل : ويجوز أن يكون العامل في محصنات فانكحوهن محصنات أي : عفائف أو مسلمات، غير زوان.
( أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ( قال الجمهور ومنهم ابن مسعود : الإحصان هنا


الصفحة التالية
Icon