" صفحة رقم ٢٦٩ "
يجعل النهار للجنس فلكل يوم طرف فيتكرر بتكرره. وقيل : المراد بالأطراف الساعات لأن الطرف آخر الشيء. وقرأ الجمهور :) وَأَطْرَافَ ( بنصب الفاء وهو معطوف على ) وَمِنْ ءانَاء الَّيْلِ ). وقيل : معطوف على ) قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ( وقرأ الحسن وعيسى بن عمر ) وَأَطْرَافَ ( بخفض الفاء عطفاً على ) ءانَاء ).
) لَعَلَّكَ تَرْضَى ( أي تثاب على هذه الأعمال بالثواب الذي تراه وأبرز ذلك في صورة الرجاء والطمع لا على القطع. وقيل : لعل من الله واجبة. وقرأ أبو حيوة وطلحة والكسائي وأبو بكر وأبان وعصمة وأبو عمارة عن حفص وأبو زيد عن المفضل وأبو عبيد ومحمد بن عيسى الأصبهاني تُرْضَى بضم التاء أي يرضيك ربك.
طه :( ١٣١ ) ولا تمدن عينيك.....
ولما أمره تعالى بالصبر وبالتسبيح جاء النهي عن مد البصر إلى ما متع به الكفرة يقال : مد البصر إلى ما متع به الكفار، يقال : مد نظره إليه إذا أدام النظر إليه، والفكرة في جملته وتفصيله. قيل : والمعنى على هذا ولا تعجب يا محمد مما متعناهم به من مال وبنين ومنازل ومراكب وملابس ومطاعم، فإنما ذلك كله كالزهرة التي لا بقاء لها ولا دوام، وإنها عما قليل تفنى وتزول. والخطاب وإن كان في الظاهر للرسول ( ﷺ ) ) فالمراد أمته هو كان ( ﷺ ) ) أبعد شيء عن النظر في زينة الدنيا وأعلق بما عند الله من كل أحد، وهو القائل في الدنيا ( ملعونة ملعون ما فيها إلا ما أريد به وجه الله ) وكان شديد النهي عن الاغترار بالدنيا والنظر إلى زخرفها ) وَلاَ تَمُدَّنَّ ( أبلغ من لا تنظر لأن مد البصر يقتضي الإدامة والاستحسان بخلاف النظر، فإنه قد لا يكون ذلك معه والعين لا تمدّ فهو على حذف مضاف أي ) لاَ تَمُدَّنَّ ( نظر ) عَيْنَيْكَ ( والنظر غير الممدد معفو عنه. وذلك مثل من فاجأ الشيء ثم غض بصره. والنظر إلى الزخارف مركوز في الطبائع فمن رأى منها شيئاً أحب إدمان النظر إليه، وقد شدّد المتقون في غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة مركوباً وملبوساً وغيرهما لأنهم إنما اتخذوها لعيون النظارة حتى يفتخروا بها، فالناظر إليها محصل لغرضهم وكالمغرى لهم على اتخاذها. وانتصب ) أَزْواجاً ( على أنه مفعول به، والمعنى أصنافاً من الكفرة و ) مِنْهُمْ ( في موضع الصفة لأزواجاً أي أصنافاً وأقواماً من الكفرة. كما قال :) وَءاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْواجٌ ).
وأجاز الزمخشري أن ينتصب ) أَزْواجاً ( عن الحال من ضمير ) بِهِ ( و ) مَتَّعْنَا ( مفعوله منهم كأنه قيل إلى الذي متعنا به وهو أصناف بعضهم، وناساً منهم. و ) زَهْرَةَ ( منصوب على الذم أو مفعول ثان لمتعنا على تضمينه معنى أعطينا أو بدل من محل الجار والمجرور، أو بدل من ) أَزْواجاً ( على تقدير ذوي زهرة، أو جعلهم ) زَهْرَةَ ( على المبالغة أو منصوب بفعل محذوف يدل عليه ) مَتَّعْنَا ( أي جعلنا لهم ) زَهْرَةَ ( أو حال من الهاء، أو ما على تقدير حذف التنوين من ) زَهْرَةَ ( لالتقاء الساكنين وخبر ) الْحَيَواةَ ( على البدل من ) مَا ( وكل هذه الأعاريب منقول والأخير اختاره مكي، وردّ كونه بدلاً من محل ) مَا ( لأن فيه الفصل بالبدل بين الصلاة وهي ) مَتَّعْنَا ( ومعمولها وهو ) لِنَفْتِنَهُمْ ( فالبدل وهو ) زَهْرَةَ ).
وقرأ الجمهور ) زَهْرَةَ ( بسكون الهاء. وقرأ الحسن وأبو البر هشيم وأبو حيوة وطلحة وحميد وسلام ويعقوب وسهل وعيسى والزهري بفتحها. وقرأ الأصمعي عن نافع لِنُفْتِنَهم بضم النون من أفتنه إذا جعل الفتنة واقعة فيه، والزهرة والزهرة بمعنى واحد كالجهرة والجهرة. وأجاز الزمخشري في ) زَهْرَةَ ( المفتوح الهاء أن يكون جمع زاهر نحو كافر وكفرة، وصفهم بأنهم زاهر وهذه الدنيا الصفاء ألوانهم مما يلهون ويتنعمون وتهلل وجوههم وبهاء زيهم وشارتهم بخلاف ما عليه المؤمنون والصلحاء من شحوب الألوان والتقشف في الثياب، ومعنى ) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ( أي لنبلوهم حتى يستوجبوا العذاب لوجود الكفران منهم أو لنعذبهم في الآخرة بسببه.
( وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وَاتَّقَى ( أي ما ذخر لهم من المواهب في الآخرة ) خَيْرٌ ( مما متع به هؤلاء في الدنيا ) وَأَبْقَى ( أي أدوم. وقيل : ما رزقهم وإن كان قليلاً خير مما رزقوا وإن كان كثير الحلية ذلك وحرمية هذا. وقيل : ما رزقت من النبوة والإسلام. وقيل : ما يفتح الله على المؤمنين من البلاد