ولقد مارس عمر بن عبد العزيز مبدأ المساواة بين الناس، في الحقوق والواجبات في كل مجالات الحياة، فلم يميز بين الناس في حقهم، في تولي الوظائف والولايات، ولم يعط أحدًا كائنًا من كان شيئًا ليس فه فيه حق، فقد ساوى بين أمراء وأشراف بني أمية وبين الناس، فمنع عنهم العطايا والأرزاق الخاصة، وقال لهم حين كلموه في ذلك: «لن يتسع مالي لكم، وأما هذا المال - الذي في بيت مال المسلمين - فإنما حقكم فيه كحق رجل، بأقصى برك الغماد»(١)، فكانت سياسته المالية تقوم على مبدأ المساواة، فبيت المال لجميع المسلمين، ولكل واحد منهم حق أن يأخذ منه أسوة بغيره، فلا يكون حكرا على فئات معينة من الناس، وعندما رأى أمراء بني أمية قد استحوذوا على قطع واسعة من الأرض وجعلوها حمى، يحرم من الاستفادة منها عامة الناس، فقال: «إن الحمى يباح للمسلمين عامة.. وإنما الإمام فيها كرجل من المسلمين، إنما هو الغيث ينزله الله لعباده، فهم فيه سواء»(٢). كما ساوى بين من أسلم من أهل الأديان الأخرى من النصارى واليهود، وبين المسلمين، وعمل على كسر حاجز التنافر بينهم، فقال: «.. فمن أسلم من نصراني أو يهودي، أو مجوسي من أهل الجزية اليوم، فخالط عامة المسلمين في دارهم، وفارق
داره التي كان بها، فإن له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، وعليهم أن يخالطوه وأن يواسوه..»
(٣).

(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص٢٣٦، ٢٣٧.
(٢) سيرة عمر بن عبد العزيز، ص٨١.
(٣) المصدر نفسه، ص٧٩.


الصفحة التالية
Icon