وإلى جوار هذا مشهد من مشاهد القيامة يصور ما ينتظرهم هناك من عذاب ومهانة وتأنيب.. وتختم السورة بتنزيه اللّه سبحانه :«فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». وبنفي الفلاح عن الكافرين في مقابل تقرير الفلاح في أول السورة للمؤمنين :«وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ». وبالتوجه إلى اللّه طلبا للرحمة والغفران :«وَقُلْ : رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ».
جو السورة كلها هو جو البيان والتقرير، وجو الجدل الهادئ، والمنطق الوجداني، واللمسات الموحية للفكر والضمير. والظل الذي يغلب عليها هو الظل الذي يلقيه موضوعها.. الإيمان.. ففي مطلعها مشهد الخشوع في الصلاة :«الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ». وفي صفات المؤمنين في وسطها :«وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ».. وفي اللمسات الوجدانية :«وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ». وكلها مظلّلة بذلك الظل الإيماني اللطيف. (١)
خلاصة ما تضمنته السورة من الحكم والأحكام والآداب
(١) فوز المؤمنين ذوى الصفات الفاضلة بدخول الجنات خالدين فيها أبدا.
(٢) ذكر حال النشأة الأولى.
(٣) خلق السموات السبع وإنزال المطر من السماء وإنشاء الجنات من النخيل والأعناب وذكر منافع الحيوان للإنسان.
(٤) قصص بعض الأنبياء كنوح وشعيب وموسى وهرون وعيسى عليهم السلام ثم أمرهم جميعا بأكل الطيبات وعمل الصالحات.
(٥) لا يكلف اللّه عباده إلا بما فيه يسر وسجاحة.
(٦) وصف ما يلقاه الكافرون من النكال والوبال يوم القيامة وتأنيبهم على عدم الإيمان بالرسول، وتفنيد المعاذير التي اعتذروا بها.
(٧) ذكر ما أنعم به على عباده من الحواس والمشاعر.
(٨) إنكار المشركين للبعث والجزاء والحجاج على إثبات ذلك.
(٩) النعي على من أثبت الولد والشريك للّه.
(١٠) دعاء النبي - ﷺ - ربه ألا يجعله فى القوم الظالمين حين عذابهم.
(١١) تعليم نبيه - ﷺ - الأدب فى معاملة الناس، وأمره أن يدعوه بدفع همزات الشياطين عنه.

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٤ / ٢٤٥٢)


الصفحة التالية
Icon