ووحدانيته، وعن عجائب صنعه وآثار خلقه في هذا الكون البديع، الذي هو من آثار قدرة الله، وشاهد من شواهد العظمة والجلال.
*وختمت السورة ببيان صفات عباد الرحمن، وما أكرمهم الله به من الأخلاق الحميدة، التي استحقوا بها الأجر العظيم في جنات النعيم.
التسمية : سميت السورة الكريمة (سورة الفرقان ) لأن الله تعالى ذكر فيها هذا الكتاب المجيد الذي أنزله على عبده محمد ( - ﷺ - )، وكان النعمة الكبرى على الإنسانية لأنه النور الساطع والضياء المبين، الذي فرق الله به بين الحق والباطل، والنور والظلام، والكفر والإيمان، ولهذا كان جديرا بأن يسمى الفرقان. (١)
مقصودها إنذار عامة المكلفين بما له سبحانه من القدرة الشاملة، المستلزم للعلم التام، المدلول عليه بهذا القرآن المبين، المستلزم لأنه لا موجد على الحقيقة سواه، فهو الحق، وما سواه باطل ؛ وتسميتها بالقرقان واضح الدلالة على ذلك، فإن الكتاب ما نزل إلا للتفرقة بين الملتبسات، وتمييز الحق منالباطل ) ) ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة ( ) [ الأنفال : ٤٢ ] فلا يكون لأحد على الله حجة (٢)
هذه السورة المكية تبدو كلها وكأنها إيناس لرسول اللّه - ﷺ - وتسرية، وتطمين له وتقوية وهو يواجه مشركي قريش، وعنادهم له، وتطاولهم عليه، وتعنتهم معه، وجدالهم بالباطل، ووقوفهم في وجه الهدي وصدهم عنه.
فهي في لمحة منها تصور الإيناس اللطيف الذي يحيط به اللّه عبده ورسوله وكأنما يمسح على آلامه ومتاعبه مسحا رفيقا ويهدهد قلبه، ويفيض عليه من الثقة والطمأنينة، وينسم عليه من أنسام الرعاية واللطف والمودة.
وهي في اللمحة الأخرى تصور المعركة العنيفة مع البشرية الضالة الجاحدة المشاقة للّه ورسوله، وهي تجادل في عنف، وتشرد في جموح، وتتطاول في قحة، وتتعنت في عناد، وتجنح عن الهدى الواضح الناطق المبين.
إنها البشرية التي تقول عن هذا القرآن العظيم :«إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ».. أو تقول :«أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» والتي تقول عن محمد رسول اللّه الكريم :

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٢ / ٢٦٤)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٥ / ٢٩١)


الصفحة التالية
Icon