جزاءهم على صبرهم على تكاليف الإيمان والعبادة :«أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً».
وتختم السورة بتقرير هوان البشرية على اللّه لولا هذه القلوب الطائعة المستجيبة العارفة باللّه في هذا القطيع الشارد الضال من المكذبين والجاحدين..
وفي هذا الهوان تهوين لما يلقاه منهم رسول اللّه - ﷺ - فهو يتفق مع ظل السورة وجوها، ويتفق مع موضوعها وأهدافها، على طريقة التناسق الفني في القرآن.
والآن نبدأ الشوط الأول بالتفصيل :«تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً. الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً. وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً»..
إنه البدء الموحي بموضوع السورة الرئيسي : تنزيل القرآن من عند اللّه، وعموم الرسالة إلى البشر جميعا.
ووحدانية اللّه المطلقة. وتنزيهه عن الولد والشريك، وملكيته لهذا الكون كله، وتدبيره بحكمة وتقدير..
وبعد ذلك كله يشرك المشركون، ويفتري المفترون، ويجادل المجادلون، ويتطاول المتطاولون! (١)
خلاصة ما اشتملت عليه السورة الكريمة من الأحكام
اشتملت هذه السورة على عدة مقاصد :
(١) إثبات النبوة والوحدانية، والنعي على عبدة الأصنام والأوثان، وإثبات البعث والنشور وجزاء المكذبين بذلك مع ذكر شبهاتهم التي قالوها فى النبي - ﷺ - وفى القرآن ثم تفنيدها.
(٢) قصص بعض الأنبياء السالفين وتكذيب أممهم لهم ثم أخذهم أخذ عزيز مقتدر.
(٣) العجائب الكونية من مدّ الظل وجعل الليل لباسا وجعل النهار معاشا وإرسال الرياح مبشرات بالأمطار ومروج البحرين : العذب الفرات، والملح الأجاج، وجعل البروج فى السماء، وجعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورا.
(٤) الأخلاق والآداب من قوله : وعباد الرحمن إلى آخر السورة. (٢)
===============

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٥ / ٢٥٤٤)
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (١٩ / ٤٣)


الصفحة التالية
Icon