وفيه وجوه أخر ذكرناها في الشرح الكبير والله أعلم.
٢٥-
فَأَمَّا الْكَرِيمُ السِّرِّ في الطيِّبِ نَافِعٌ | فَذَاكَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَدينَةَ مَنْزِلاَ |
قالوا: كان نافع -رحمه الله- إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك فقيل له: يا أبا عبد الرحمن أو يا أبا رويم أتطيب كلما قعدت تقرئ الناس؟ فقال: ما أمس طيبا ولا أقرب طيبا ولكني رأيت فيما يرى النائم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقرا في فيّ فمن ذلك الوقت يشم من فيّ هذه الرائحة فهذا هو السر الكريم لنافع في الطيب، والمراد بالكرم هنا: الشرف والنباهة والجلالة ومنه قوله تعالى: ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ ٢.
والكريم في نظم الشاطبي مبتدأ والسر مضاف إليه ويجوز رفعه ونصبه؛ لأنه من باب الحسن الوجه كما سبق ذكره في أجذم العلا وفي الطيب متعلق بالسر أو بالكريم ونافع بدل من الكريم أو عطف بيان والفاء في فذاك جواب أما لما في أما من معنى الشرط وما بعد الفاء جملة اسمية هي خبر المبتدأ، أثنى عليه في ضمن التعريف به بأنه اختار مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- منزلا له أقام بها في جوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أن مات بها في سنة تسع وستين ومائة وقيل غير ذلك ومنزلا تمييز أو مفعول ثانٍ على تضمين اختار معنى اتخذ أو على حذف حرف الجر من الأول من باب قوله تعالى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ﴾ ٣. وقيل غير ذلك والله أعلم.
٢٦-
وَقَالُونُ عِيسى ثُمَّ عُثْمانُ وَرْشُهُمْ | بِصُحْبَتِهِ المَجْدَ الرَّفِيعَ تَأَثَّلاَ |
أحدهما: أبو موسى عيسى بن ميناء المدني ويلقب بقالون وهي كلمة رومية يقولون للجيد من الأشياء هو قالون قيل لقَّبه نافع بذلك؛ لجودة قراءته وقيل لقبه بذلك مالك بن أنس ومات سنة خمس ومائتين بالمدينة وقيل غير ذلك.
والثاني عثمان بن سعيد المصري الملقب بورش٤ لقَّبه بذلك نافع أيضا؛ لبياضه وقيل فيه وجوه كثيرة ذكرناها في الشرح الكبير ومات بمصر سنة سبع وتسعين ومائة وقالون في البيت مبتدأ ولم يصرفه وإن كان قبل
١ هو صاحب التيسير. ودانية: بلدة بالمغرب.
٢ سورة النور، آية: ٢٦.
٣ سورة الأعراف، آية: ١٢٥.
٤ والورش: ضرب من الجبن اهـ.
٢ سورة النور، آية: ٢٦.
٣ سورة الأعراف، آية: ١٢٥.
٤ والورش: ضرب من الجبن اهـ.