وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى السماء الدنيا" (١) ففرق أبو شامة بهذا بين جعل رمضان شهر نزول القرآن والاستدلال له بالآيات. وقال في موضع آخر مبيناً صلة شهر رمضان بالقرآن: "... ويجوز أن يكون قوله: ﴿ أنزل فيه القرآن ﴾ إشارة إلى كل ذلك، وهو كونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا، وأول نزوله إلى الأرض، وعرضه وإحكامه في شهر رمضان. فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن: إنزالاً جملة وتفصيلاً وعرضاً وإحكاماً فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان فلمجموع هذه المعاني قيل: ﴿ أنزل فيه القرآن ﴾ " (٢)
مقدار التنزيل:
ثبت نزول الكريم على الرسول ﷺ منجماً مفرقاً ابتداء أو حسب الحاجة والوقائع. وغالب القرآن الكريم نزل آيات مفرقات وبعضه نزل سوراً كاملة، ونزلت سورتان من قصار السور معاً هما المعوذتان.
فأول ما نزل من القرآن الكريم الآيات الخمس الأولى من سورة العلق. وهي قوله تعالى: ﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم ﴾ ثم نزل باقيها بعد نزول سورة المدثر.
كما نزلت الخمس الآيات الأولى من سورة الضحى إلى قوله: ﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾ وصح نزول عشر آيات من قصة الإفك جملة واحدة من سورة النور. وصح كذلك نزول عشر آيات جملة من أول سورة المؤمنون. ونزلت آية ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم ﴾ (المائدة: ٣)؟في عرفة في يوم جمعة.

(١) المرشد الوجيز لأبي شامة المقدسي (٢٠).
(٢) المصدر السابق (٢٤).


الصفحة التالية
Icon