٤٥ - آل عمران
والجملةُ مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ وقولُه تعالى
﴿نُوحِيهِ إِلَيْكَ﴾ جملةٌ مستقلة مبينةٌ للأولى وقيل الخبرُ هو الجملة الثانية ومن أَنبَاء الغيب إما متعلق بنوحيه أو حالٌ من ضميرِه أي نوحي من أنباء الغيب أو نوحيه حال كونه من جملة أنباء الغيب وصيغةُ الاستقبال للإيذان بأن الوحيَ لم ينقطعْ بعد
﴿وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ﴾ أي عند الذين اختلفوا وتنازعوا في تربية مريمَ وهو تقريرٌ وتحقيق لكونه وحياً على طريقة التهكم بمُنكِريه كما في قوله تعالى وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربى الآية وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِى أَهْلِ مَدْيَنَ الآية فإن طريقَ معرفةِ أمثالِ هاتيك الحوادثِ والواقعات إما المشاهدةُ وإما السماعُ وعدمُه محققٌ عندهم فبقيَ احتمالُ المعاينة المستحيلةِ ضرورةً فنُفِيَت تهكماً بهم
﴿إِذْ يُلْقُون أقلامهم﴾ ظرفٌ للاستقرارِ العاملِ في لديهم واقلامهم أقداحُهم التي اقترعوا بها وقيل اقترعوا بأقلامهم التي كانوا يكتُبون بها التوراة تبركاً
﴿أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ متعلقٌ بمحذوف دلَّ عليه يُلْقُون أقلامهم أي يُلْقونها ينْظرون أو ليعلموا أيُّهم يكفلها
﴿وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ أي في شأنها تنافُساً في كفالتها حسبما ذكر فيما سبق وتكريرُ ما كنت لديهم مع تحقق المقصودِ بعطف إِذْ يَخْتَصِمُونَ على إذ يُلقون كما في قوله عز وجل ﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نجوى﴾ للدِلالة على أنَّ كلَّ واحدٍ من عدم حضورِه عليه الصَّلاة والسَّلام عند إلقاءِ الأقلام وعدمِ حضوره عند الاختصام مستقلٌ بالشهادة على نبوَّته عليه الصلاةُ والسلام لا سيما إذا أريد باختصامهم تنازعُهم قبل الاقتراعِ فإن تغييرَ الترتيبِ في الذكر مؤكدٌ له
﴿إذ قالت الملائكة﴾ شروعٌ في قصة عيسى عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وهو بدلٌ من وَإِذْ قالت الملائكة منصوبٌ بناصبه وما بينهما اعتراضٌ جيءَ به تقريراً لما سبق وتنبيهاً على استقلاله وكونِه حقيقاً بأن يعد على حياله من شواهدِ النبوةِ وتركُ العطف بينهما بناءً على اتحاد المخاطب وإيذاناً بتقارُن الخطابين أو تقاربُهما في الزمان وقيل منصوبٌ بمضمرٍ معطوفٍ على ناصبه وقيل بدل من إِذْ يَخْتَصِمُونَ كأنه قيل وما كنت حاضراً في ذلك الزمان المديد الذي وقع في طرفٍ منه الاختصامُ وفي طرفٍ آخرَ هذا الخطابُ إشعاراً بإحاطته عليه الصلاة والسلام بتفاصيلِ أحوالِ مريمَ من أولها إلى آخرها والقائلُ جبريل عليه الصلاة والسلام وإيرادُ صيغة الجمعِ لما مر
﴿يا مريم إِنَّ الله يُبَشّرُكِ بِكَلِمَةٍ مّنْهُ﴾ مِنْ لابتداءِ الغايةِ مجازا متعلقةٌ بمحذوف وقع صفةً لكلمة أي بكلمة كائنة منه عز وجل
﴿اسمه﴾ ذُكر الضميرُ الراجعُ إلى الكلمة لكونها عبارةً عن مذكّر وهو مبتدأ خبرُه
﴿المسيح﴾ وقوله تعالى
﴿عِيسَى﴾ بدلٌ منه أو عطفُ بيانٍ وقيل خبرٌ آخرُ وقيل خبرُ مبتدأ محذوفٍ وقيل منصوبٌ بإضمار أعني مدحاً وقوله تعالى
﴿ابن مَرْيَمَ﴾ صفة لعيسى وقيل المرادُ بالاسم ما به يتميز المسمَّى عمن سواه فالخبرُ حينئذ مجموعُ الثلاثةِ إذ هو المميّز له عليه الصلاة والسلام تمييزاً عن جميع مَنْ عداه والمسيح لقبه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وهو من الألقاب


الصفحة التالية
Icon