٥٣ - ٥٤ آل عمران
عطِشنا فيضرب بيده الأرضَ فيخرُج منها الماءُ فيشربون فقالوا من أفضلُ منا قال عليه الصلاة والسلام أفضلُ منكم من يعمل بيدِه ويأكلُ من كَسْبه فصاروا يغسِلون الثيابَ بالأُجرة فسُمّوا حَواريين وقيل إن أمَّه سلّمتْه إلى صبّاغ فأراد الصباغُ يوماً أن يشتغل ببعض مَهمَّاتِه فقالَ لَهُ عليهِ الصلاةُ والسلام ههنا ثيابٌ مختلفة قد جَعَلْتُ لكل واحدٍ منها علامةً معينةً فاصبِغْها بتلك الألوانِ فغاب فجعلَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ كلَّها في جُبَ واحدٍ وقال كوني بإذن الله كما أُريد فرجع الصبَّاغُ فسأله فأخبره بما صنع فقال أفسدتَ عليّ الثيابَ قال قمْ فانظرْ فجعل يُخرِجُ ثوباً أحمرَ وثوباً أخضرَ وثوباً أصفرَ إلى أن أخرج الجميعَ على أحسنِ ما يكون حسبما كان يريد فتعجَّبَ منه الحاضرون وآمنوا به عليه الصلاة والسلام وهم الحواريون قال القفالُ ويجوزُ أن يكون بعضُ هؤلاء الحواريين الاثنيْ عشرَ من الملوك وبعضُهم من صيادي السمك وبعضُهم من القصّارين وبعضُهم من الصبَّاغين والكلُّ سُمّوا بالحَواريين لأنهم كانوا أنصار عيسى عليه الصلاة والسلام وأعوانَه والمخلِصين في طاعته ومحبتِه
﴿نَحْنُ أَنْصَارُ الله﴾ أي أنصار دينه ورسولِه
﴿آمنَّا بالله﴾ استئنافٌ جارٍ مَجرى العلةِ لما قبله فإن الإيمانَ بهِ تعالى موجبٌ لنُصرة دينِه والذبِّ عن أوليائه والمحاربةِ مع أعدائه
﴿واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ مخلِصون في الإيمانِ منقادون لما تريد منا من نصرتك طلبوا منه عليه الصلاة والسلام الشهادةَ بذلك يومَ القيامة يوم يشهد الرسلُ عليهم الصلاة والسلام لأُممهم وعليهم إيذاناً بأن مرمى غرضِهم السعادةُ الأخروية
﴿ربنا آمنا بِمَا أَنزَلَتْ﴾ تضرّعٌ إلى الله عزَّ وجلَّ وعرْضٌ لحالهم عليه تعالى بعد عرضِها على الرسول مبالغةً في إظهار أمرِهم
﴿واتبعنا الرسول﴾ أي في كلِّ ما يأتي ويذر من أمور الدينِ فيدخُل فيه الاتّباعُ في النُّصرة دخولاً أولياً
﴿فاكتبنا مَعَ الشاهدين﴾ أي مع الذين يشهدون بوحدنيتك أو مع الأنبياء الذين يشهدون لأتباعهم أو مع أمة محمَّدٍ عليه الصَّلاة والسَّلام فإنهم شهداءُ على الناس قاطبةً وهو حالٌ من مفعول اكتبنا
﴿وَمَكَرُواْ﴾ أي الذين علِمَ عيسى عليه الصلاة والسلام كفرَهم من اليهود بأن وكلّوا به من يقتُله غِيلةً
﴿وَمَكَرَ الله﴾ بأن رفع عيسى عليه الصلاة والسلام وألقى شَبَهَه على من قصد اغتيالَه حتى قُتل والمكرُ من حيث أنه في الأصل حيلةٌ يُجلَب بها غيرُه إلى مَضرّة لا يمكن إسنادُه إليه سبحانه إلا بطريق المشاكلة روي عن ابن عباس رضيَ الله عنهما أنَّ ملِكَ بني إسرائيلَ لما قصد قتلِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أمره جبريل عليه الصلاة والسلام إن يدخُلَ بيتاً فيه روزنة فرفعه جبريل من تلك الروزنة إلى السماء فقال الملكُ لرجل خبيثٍ منهم أدخُل عليه فاقتُله فدخل البيت فألقى الله عز وجل شَبَهَه عليه فخرج يُخبرهم أنه ليس في البيت فقتلوه وصلبوه وقيلَ إنَّه عليه الصَّلاةُ والسلام جمع الحواريين ليلةً وأوصاهم ثم قال لَيَكفرَنّ بي أحدُكم قبل أن يَصيح الديكُ ويَبيعَني بدراهِمَ يسيرة فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهودُ تطلُبه فنافق أحدُهم فقال لهم ما تجعلون لي إن دَلَلْتُكم على المسيح فجعلوا


الصفحة التالية
Icon