٨٠ - ٨١ آل عمران
القراءةِ بالفضل وتحصيلِ الربانية وتقديمُ التعليم على الدراسة لزيادة شرفِه عليها أو لأن الخطابَ الأولَ لرؤسائهم والثاني لمن دونهم وقرئ تَعْلمون بمعنى عالمين وتُدَرِّسون من التدريس وتُدْرِسون من الإدراس بمعنى التدريس كأكرم بمعنى كرُم ويجوز أن تكون القراءةُ المشهورةُ أيضاً بهذا المعنى على تقدير بما تدْرُسونه على الناس
﴿وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الملائكة والنبيين أَرْبَابًا﴾ بالنصب عطفاً على ثم يقولَ ولا مزيدةٌ لتأكيد معنى النَّفيِ في قوله تعالى ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ﴾ أي ما كان لبشر أن يستنبِئَه الله تعالى ثم يأمرَ الناس بعبادة نفسِه ويأمرَ باتخاذ الملائكةِ والنبيين أرباباً وتوسيطُ الاستدراك بين المعطوفَين للمسارعة إلى تحقيق الحقِّ ببيان ما يليق بشأنه ويحِقُّ صدورُه عنه إثرَ تنزيهِه عمَّا لا يليقُ بشأنه ويمتنِعُ صدورُه عنه وأما ماقيل من أنها غيرُ مزيدةٍ على معنى أنه ليس له أن يأمُرَ بعبادته ولا يأمرَ باتخاذِ أكفائِه أرباباً بل ينهى عنه وهو أدنى من العبادة فيقضي بفساده ما ذُكِر من توسيط الاستدراكِ بين الجملتين المتعاطفتين ضرورةَ أنهما حينئذ في حكم جملةٍ واحدة وكذا قوله تعالى
﴿أَيَأْمُرُكُم بالكفر﴾ فإنه صريحٌ في أن المرادَ بيانُ انتفاءِ كِلا الأمرَين قصداً لا بيانُ انتفاءِ الأولِ لانتفاءِ الثاني ويعضُده قراءةُ الرفعِ على الاستئناف وتجويزُ الحالية بتقدير المبتدإ أي وهو لا يأمرَكم إلى آخره بيِّنُ الفساد لما عرَفته آنفاً وقولُه تعالى
﴿بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ يدل على أن الخطابَ للمسلمين وهم المستأذنون للسجود له عليه السلام
﴿وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق النبيين﴾ منصوبٌ بمضمرٍ خُوطب به النبيُّ ﷺ أي اذكر وقت أخذه تعالى ميثاقهم
﴿لما آتيتكم مّن كتاب وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدّقٌ لّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ﴾ قيل هو على ظاهره وإذا كان هذا حكمَ الأنبياءِ عليهم السلام كان الأممُ بذلك أولى وأحرى وقيل معناه أخذُ الميثاقِ من النبيين وأممِهم واستُغنيَ بذكرهم عن ذكرهم وقيل إضافةُ الميثاقِ إلى النبيين إضافةٌ إلى الفاعل والمعنى وإذْ أخذ الله الميثاقَ الذي وثّقه الأنبياءُ على أممهم وقيل المرادُ أولادُ النبيين على حذف المضاف وهم بنو إسرئيل أو سماهم نبيين تهكّماً بهم لأنهم كانوا يقولون نحن أولى بالنبوة من محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم لأنا أهلُ الكتاب والنبيون كانوا منا واللام في لَّمّاً موطئةٌ للقسم لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف وما تحتملُ الشرطيةَ ولتُؤمِنُنّ سادٌّ مسدَّ جوابِ القسم والشرط وتحتمل الخبرية وقرئ لَّمّاً بالكسر عَلى أنَّ مَا مصدريةٌ أي لأجل إيتائي إياكم بعضَ الكتاب ثم لمجئ رسولٍ مصدقٍ أخذَ الله لميثاق لتؤمِنُنَّ به ولتنصُرُنه أو موصولةٌ والمعنى أخذُه الذي آتيتُكموه وجاءكم رسولٌ مصدقٌ له وقرئ لَمّا بمعنى حين آتيتُكم أو لَمِنْ أجل ما آتيتُكم على أن أصله لَمِنْ ما بالإدغام فحُذف إحدى الميمات الثلاثِ استثقالاً
﴿قَالَ﴾ أي الله تعالى بعدَ ما اخذ الميثاق
﴿أأقررتم﴾ بما ذُكر
﴿وَأَخَذْتُمْ على ذلكم إِصْرِى﴾