٨١ - ٨٢ النساء به ﷺ في قوله تعالى
﴿ومن تولى فَمَا أرسلناك عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ وجوابُ الشرطِ محذوفٌ والمذكورُ تعليلٌ له أي ومن أعرض عن الطاعة فأعرض عنه إنما أرسلناك رسولاً مبلغا لاحفيظا مهيمِناً تحفَظ عليهم أعمالَهم وتحاسِبُهم عليها وتعاقبهم بحسَبها وحفيظاً حالٌ من الكاف وعليهم متعلقٌ بهِ قُدِّم عليهِ رعايةً للفاصلة وجمعُ الضميرِ باعتبارِ مَعْنى من كما أن الإفراد في تولى باعتبار لفظِه
﴿وَيَقُولُونَ﴾ شروعٌ في بيان معاملتهم مع الرسول ﷺ بعد بيانِ وجوبِ طاعتِه أي يقولون إذا أمرتَهم بشئ ﴿طَاعَةٌ﴾ أي أمرُنا وشأنُنا طاعةٌ أو منا طاعةٌ والأصلُ النصبُ على المصدر والرفعُ للدِلالة على الثبات كسلامٌ
﴿فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ﴾ أي خرجوا من مجلسك
﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مّنْهُمْ﴾ أي من القائلين المذكورين وهم رؤساؤُهم
﴿غَيْرَ الذى تَقُولُ﴾ أي زوَّرتْ طائفةٌ منهم وسوَّتْ خلافَ ما قالت لك من القَبول وضمانِ الطاعةِ لأنهم مُصِرُّون على الرد والعصيانِ وإنما يُظهرون ما يُظهرون على وجه النفاقِ أو خلافَ ما قلتَ لها والتبييتُ إما من البيتوته لأنه قضاءُ الأمرِ وتدبيرُه بالليل يقال هذا أمرٌ بُيِّت بليل وإما من بيت الشِّعر لأن الشاعر يُدبِّره ويسوبه وتذكيرُ الفعلِ لأن تأنيثَ الطائفة غير حقيقى وقرئ بإدغام التاء في الطاء لقُرب المخرَجِ وإسنادُه إلى طائفة منهم لبيان أنهم المتصدّون له بالذات والباقون أتباعٌ لهم في ذلك لا لأن الباقبن ثابتون على الطاعة
﴿والله يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ﴾ أي يكتُبه في جملة ما يوحى إليك فيُطلعُك على أسراراهم فلا يحسَبوا أن مكرَهم يخفى عليكم فيجدوا بذلك إلى الإصرار بكم سبيلاً أو يُثبتُه في صحائفهم فيجازيهم عليهِ وأيَّاً ما كانَ فالجملةُ اعتراضيةٌ
﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ أي لاتبال بهم وبما صنعوا أو تَجافَ عنهم ولا تتصدَّ للانتقام منهم والفاءُ لسببيةِ ما قبلَها لما بعدها
﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الله﴾ في كل ما تأتِي وما تذرُ لاسيما في شأنهم وإظهارُ الجلالةِ في مقام الإضمارِ للإشعار بعلة الحُكمِ
﴿وكفى بالله وكيلا﴾ فيكفيك معرفتهم وينتقم لن منهم والإظهار ههنا أيضا لما مر والتنبية على استقلال الجملةِ واستغنائِها عما عداها من كل وجه
﴿أفلا يتدبرون القرآن﴾ إنكارٌ واستقباحٌ لعدم تدبُّرِهم القرآنَ وإعراضِهم عن التأمل فيما فيه من موجبات الإيمان وتدبر الشئ تأمّلُه والنظرُ في أدباره وما يؤول إليه في عاقبته ومنتهاه ثم استعمل في كل تفكرٍ ونظرٍ والفاءُ للعطف على مقدر أي أيعرضون عن القرآن فلايتأملون فيه ليعلموا كونَه من عند الله تعالى بمشاهدة ما فيه من الشواهد التي من جملتها هذا الوحيُ الصادقُ والنصُّ الناطقُ بنفاقهم المحكيِّ على ما هو عليه
﴿وَلَوْ كَانَ﴾ أي القرآنُ
﴿مِنْ عِندِ غَيْرِ الله﴾ كما يزعُمون
﴿لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً﴾ بأن يكون بعضُ أخبارِه غيرَ مطابقٍ للواقع إذ لا علم با لأمور الغيبيةِ ماضيةً كانت أو مستقبلةً لغيره سبحانه وحيث كانت مطابقةً للواقع تعيَّن كونُه من عندِه تعالَى قال الزجاج ولولا أنَّه من عندِ الله تعالى لكان ما فيه من الإخبار بالغيب مما يُسِرُّه المنافقون وما يُبيِّتونه مختلفاً بعضُه حق وبعضه


الصفحة التالية
Icon