١٠٣ - ١٠٤ النساء فأعطاه رسول الله ﷺ سيفَه فقال غورثُ والله لأنت خيرٌ مني فقال رسول الله ﷺ أنا أحقُّ بذلك منك فرجَع غَوْرَثُ إلى أصحابه فقصَّ عليهم قِصتَه فآمن بعضُهم قال وسكن الوادي فقطع عليه رسولُ الله ﷺ إلى أصحابه وأخبرهم بالخبر وقوله تعالى
﴿إِنَّ الله أَعَدَّ للكافرين عَذَاباً مُّهِيناً﴾ تعليلٌ للأمر بأخذ الحذرِ أعد لهم عذاباً مهيناً بأن يخذُلهم وينصُرَكم عليهم فاهتموا بأموركم ولا تُهمِلوا في مباشرة الأسباب كى يحل بهم عذابُه بأيديكم وقيل لما كان الأمرُ بالحذر من العدو مُوهماً لتوقّع غلبتِه واعتزازِه نُفي ذلك الإيهامُ بأن الله تعالى ينصُرهم ويُهين عدوَّهم لتقوى قلوبُهم
﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة﴾ أي صلاةَ الخوفِ أي أديتموها على الوجه المبيّنِ وفرَغتم منها
﴿فاذكروا الله قياما وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِكُمْ﴾ أي فداوموا على ذكر الله تعالى وحافِظوا على مراقبته ومناجاتِه ودعائِه في جميعِ الأحوالِ حَتَّى في حال المسايفة والقتالِ كما في قوله تعالى إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا واذكروا الله كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
﴿فَإِذَا اطمأننتم﴾ سكنَت قلوبُكم من الخوف وأمنتم بعد ما وضعت الحربُ أوزارَها
﴿فأقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ أي الصلاةَ التي دخل وقتُها حينئذ أي أدُّوها بتعديل أركانِها ومراعاةِ شرائطِها وقيل المرادُ بالذكر في الأحوال الثلاثةِ الصلاةُ فيها أى فإذ أردتم أداءَ الصلاةِ فصلّوا قِياماً عند المسايفةِ وقعوداً جاثين على الرّكَب عند المراماةِ وعلى جنوبكم مُثخَنين بالجِراح فإذا اطمأننتم في الجملة فاقضُوا ما صليتم في تلك الأحوالِ التي هي أحوال القلقِ والانزعاجِ وهو رأى الشافعى رحمه الله وفيه من البعد مالا يخفى
﴿إنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً﴾ أى فرضا مؤقتا قال مجاهدٌ وقّته الله عليهم فلا بد من إقامتها في حالة الخوفِ أيضاً على الوجه المشروحِ وقيل مفروضاً مقدّراً في الحضَر أربَعَ ركعاتٍ وفي السفر ركعتين فلا بد أن تؤدى في كل وقتٍ حسبما قُدِّر فيه
﴿وَلاَ تَهِنُواْ فِى ابتغاء القوم﴾ أى لاتضعفوا ولاتتوانوا في طلب الكفارِ بالقتال والتعرّضِ لهم بالحِراب وقوله تعالى
﴿إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجُونَ﴾ تعليلٌ للنهي وتشجيعٌ لهم أي ليس ما تقاسونه من الآلام مختصاً بكم بل هو مشترَكٌ بينكم وبينهم ثم إنهم يصبِرون على ذلك فما لكم لاتصبرون مع أنكم أولى به منهم حيث ترجُون من الله من إظهار دينِكم على سائر الأديانِ ومن الثواب في الآخرة مالا يخطر ببالهم وقرئ أن تكونوا بفتح الهمزة أى لاتهنوا لأن تكونوا تألمون وقوله تعالى فَإِنَّهُمْ تعليلٌ للنهي عن الوهن لأجله والآيةُ نزلت في بدرٍ الصُّغرى
﴿وَكَانَ الله عَلِيماً﴾ مبالِغاً في العلم فيعلم أعمالَكم وضمائرَكم
﴿حَكِيماً﴾ فيما يأمُر وينهى فجِدُّوا في الامتثال بذلك فإن فيه عواقب حميدة


الصفحة التالية
Icon