١٠٥ - ١٠٦ ١٠٧ ١٠٨ النساء
﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق﴾ رُوي أن رجلاً من الأنصار يقال له طُعمةُ بنُ أُبيرِقَ من بني ظفَرٍ سرَق دِرعاً من جاره قتادةَ بنِ النعمانِ في جرابِ دقيقٍ فجعل الدقيقُ ينْتثِرُ من خَرْقٍ فيه فخبأها عند زيد بنِ السمين اليهودي فالتمست الدرعَ عند طعمةَ فلم توجد وحلف ما أخذها وما لَه بها علمٌ فتركوه واتبعوا أثرَ الدقيقِ حتى انتهى إلى منزل اليهوديِّ فأخذوها فقال دفعها إليّ طعمةُ وشهِد له ناسٌ من اليهود فقالت بنو ظفر انطلقوا بنا إلى رسول الله ﷺ فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وشهِدوا ببراءته وسرقةِ اليهوديِّ فهمّ رسولُ الله ﷺ أن يفعل فنزلت وروي أن طعمةَ هرب إلى مكةَ وارتدّ ونقَبَ حائطاً بمكةَ ليسرِقَ أهلَه فسقَط الحائطُ عليه فقتله وقيل نزل على رجل من بني سليم من أهل مكة يقال له الحجّاجُ بنُ علاط فنقَبَ بيتَه فسقط عليه حجرٌ فلم يستطِع الدخولَ ولا الخروجَ فأخذ ليقتل فقيل دعه فإنه قد لجأ إليك فتركه وأخرجوه من مكةَ فالتحق بتجارٍ من قضاعةَ نحوَ الشام فنزلوا منزلاً فسرق بعضَ متاعِهم وهرب فأخذوه ورجموه بالحجارة حتى قتلوه وقيل إنه ركب سفينةً إلى جُدّة فسرَق فيها كيساً فيه دنانيرُ فأُخذ وألقيَ في البحر
﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ الناس بِمَا أَرَاكَ الله﴾ أي بما عرّفك وأوحى به إليك
﴿وَلاَ تَكُنْ لّلْخَائِنِينَ﴾ أي لأجلهم والذبِّ عنهم وهم طُعمةُ ومن يُعينُه من قومه أو هو ومن يسير بسيرته
﴿خَصِيماً﴾ مخاصماً للبرآء أي لاتخاصم اليهودَ لأجلهم والنهيُ معطوفٌ على أمر ينسحب عليه النظمُ الكريمُ كأنه قيل فاحكم به ولا تكن الخ
﴿واستغفر الله﴾ مما هممتَ به تعويلاً على شهادتهم
﴿إِنَّ الله كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ مُبالغاً في المغفرةِ والرحمةِ لمن يستغفره
﴿وَلاَ تجادل عَنِ الذين يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ﴾ أي يخونونها بالمعصية كقوله تعالى عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ جُعلت معصيةُ العُصاةِ خيانةً منهم لأنفسهم كما جُعلت ظلماً لها لرجوع ضررِها إليهم والمرادُ بالموصول إما طعمةٌ وأمثالُه وأما هو ومن عاونه وشهد ببراءته من قومه فإنهم شركاء له في الإثم والخيانةِ
﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً﴾ مُفرِطاً في الخيانة مُصِراً عليها
﴿أَثِيماً﴾ منهمكاً فيه وتعليقُ عدمِ المحبةِ الذي هو كنايةٌ عن البغضِ والسُّخطِ بالمبالِغ في الخيانة والإثمِ ليس لتخصيصه به بل لبيان إفراطِ طُعمةَ وقومِه فيهما
﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ الناس﴾ يستترون منهم حياءً وخوفاً من ضررهم
﴿وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله﴾ أيْ لا يستحيون منه سبحانه وتعالى وهو أحقُّ بأن يُستحيا منه ويُخافَ من عقابه
﴿وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ عالمٌ بهم وبأحوالهم فلا طريق إلى


الصفحة التالية
Icon