١٢٤ - ١٢٥ النساء
﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات﴾ أي بعضَها أو شيئاً منها فإن كلَّ أحدٍ لا يتمكن من كلها وليس مكلَّفاً بها
﴿من ذَكَرٍ أَوْ أنثى﴾ في موضع الحالِ من المستكنِّ في يَعْمَلُ ومن للبيان أو من الصالحات فمن للابتداء أي كائنةً من ذكر الخ
﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ حالٌ شرَط اقترانَ العملِ بها في استدعاء الثوابِ المذكورِ تنبيهاً على أنه لا اعتدادَ به دونه
﴿فَأُوْلَئِكَ﴾ إشارةٌ إلى مَنْ بعنوان اتصافِه بالإيمان والعملِ الصالحِ والجمعُ باعتبار معناها كما أنَّ الإفرادَ فيما سبقَ باعتبار لفظِها وما فيهِ من معنى البعدِ لما مرَّ غيرَ مرَّةٍ من الإشعار بعلوِّ رُتبةِ المُشَارِ إليهِ وبُعد منزلتِه في الشَّرفِ
﴿يَدْخُلُونَ الجنة﴾ وقرئ يُدخَلون مبنياً للمفعول من الإدخال
﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً﴾ لا يُنقصون شيئاً حقيراً من ثواب أعمالِهم فإن النقيرَ عَلَم في القلة والحَقارةِ وإذا لم يُنقص ثوابُ المطيعِ فلأَنْ لا يزادَ عقابُ العاصي أولى وأحرى كيف لا والمجازي أرحمُ الراحمين وهو السرُّ في الاقتصار على ذكره عَقيبَ الثواب
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أسلم وجهه لله﴾ أي أخلص نفسَه له تعالى لا يعرِف له رباً سواه وقيل بذل وجهَه له في السجود وقيل أخلص عمله له عز وجل وقيل فوّض أمرَه إليه تعالى وهذا إنكارٌ واستبعادٌ لأن يكون أحدٌ أحسنَ ديناً ممن فعل ذلك أو مساوياً له وإن لم يكن سبكُ التركيب متعرضاً لإنكار المساواة ونفيها يُرشِدُك إليه العُرفُ المطّردُ والاستعمالُ الفاشي فإنه إذا قيل مَنْ أكرم من فلان أولا أفضلَ من فلان فالمرادُ به حتماً أنه أكرمُ من كل كريم وأفضل من كل فاضلٍ وعليه مساقُ قوله تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى ونظائرِه وديناً نُصب على التمييز من أحسنُ منقولٌ من المبتدأ والتقديرُ ومن دينُه أحسنُ من دين مَنْ أسلم الخ فالتفضيلُ في الحقيقة جارٍ بين الدينين لا بين صاحبيهما ففيه تنبيهٌ على أن ذلك أقصى ما تنتهي إليه القوةُ البشرية
﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ أي آتٍ بالحسنات تاركٌ للسيئات أو آتٍ بالأعمال الصالحة على الوجه اللائقِ الذي هو حسنُها الوصفيُّ المستلزِمُ لحسنها الذاتي وقد فسره ﷺ بقولِه أنْ تعبدَ الله كأنَّك تراهُ فإنْ لم تكنْ تراهُ فإنَّه يراكَ والجملة حال من فاعل أسلم
﴿واتَّبَعَ مِلَّةَ إبراهيم﴾ الموافقةُ لدين الإسلامِ المتّفق عل صحتها وقبولِها
﴿حَنِيفاً﴾ مائلاً عن الأديان الزائغةِ وهو حالٌ من فاعلِ اتبع أو من إبراهيم
﴿واتخذ الله إبراهيم خَلِيلاً﴾ اصطفاه وخصَّه بكرامات تُشبه كراماتِ الخليلِ عند خليله واظهاره ﷺ في مواقع الإضمار لتفخيم شأنِه والتنصيصِ على أنه الممدوحُ وتأكيدِ استقلالِ الجملةِ الاعتراضية والخُلّةُ من الخِلال فإنه ودٌّ تخلَّل النفسَ وخالطَها وقيل من الخَلَل فإن كلَّ واحدٍ من الخليلين يسد خلَلَ الآخَر أو من الخل وهو الطريقُ في الرمل فإنهما يتوافقان في الطريقة أو من الخَلّة


الصفحة التالية
Icon