١٢٩ - ١٣٠ ١٣١ النساء
يصلُح ذلك فهو أحبُّ إلي فأتى رسولَ الله ﷺ فذكر له ذلك فنزلت
﴿وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النساء﴾ أي مُحال أن تقدورا على أن تعدِلوا بينهن بحيث لا يقع ميلٌ ما إلى جانب إحداهن في شأن من الشئون البتةَ وقد كان رسولُ الله ﷺ يقسِمُ بين نسائِه فيعدِلُ ثم يقول اللهم هذا قَسْمي فيما أملِك فلا تؤاخِذْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ وفي رواية وأنت أعلم بما لاأملك يعني فرطَ محبتِه لعائشة رضى الله عنها
﴿وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ أي على إقامة العدلِ وبالغتم في ذلك
﴿فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الميل﴾ أي فلا تجوروا على المرغوب عنها كلَّ الجَوْرِ واعدِلوا ما استطعتم فإن عجْزَكم عن حقيقة العدلِ إنما يصحح عدمَ تكليفِكم بها لا بما دونها من المراتب الداخلةِ تحت استطاعتِكم
﴿فَتَذَرُوهَا﴾ أي التي مِلْتم عنها
﴿كالمعلقة﴾ التي ليست ذاتَ بعلٍ أو مطلقة وقرئ كالمسجونة وفي الحديث مَنْ كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحدُ شِقَّيه مائلٌ
﴿وَإِن تُصْلِحُواْ﴾ ما كنتم تُفسِدون من أمورهن
﴿وَتَتَّقُواْ﴾ الميلَ فيما يستقبل
﴿فَإِنَّ الله كَانَ غَفُوراً﴾ يغفرُ لكم ما فرَط منكُم من الميل
﴿رَّحِيماً﴾ يتفضل عليكم برحمته
﴿وإن يتفرقا﴾ وقرئ يتفارقا أي وإن يفارقْ كلٌّ منهما صاحبَه بأن لم يتفِقْ بينهما وِفاقٌ بوجه ما من الصلح وغيرِه
﴿يُغْنِ الله كُلاًّ﴾ منهما أي يجعلْه مستغنياً عن الآخر ويكفيه مُهمّاتِه
﴿مّن سَعَتِهِ﴾ من غناه وقُدرته وفيه زجرٌ لهما عن المفارقة رُغماً لصاحبه
﴿وَكَانَ الله واسعا حَكِيماً﴾ مقتدراً متْقِناً في أفعاله وأحكامِه وقولُه تعالى
﴿ولله ما في السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ أي من الموجوداتِ كائناً ما كانَ منْ الخلائق وأرزاقُهم وغيرُ ذلك جملةٌ مستأنفةٌ منبّهةٌ على كمال سعتِه وعِظَم قدرتِه
﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الذين أُوتُواْ الكتاب من قَبْلِكُمْ﴾ أي أمرناهم في كتابهم وهم اليهودُ والنصارى ومَنْ قبلهم من الأمم واللامُ في الكتاب للجنس ومن متعلقة بوصّينا أو بأوتوا
﴿وإياكم﴾ عطف على الموصول
﴿أَنِ اتقوا الله﴾ أي وصينا كلا منكم بأن اتقوا الله على أنَّ أنْ مصدريةٌ حذف عنها الجارُّ ويجوز أن تكون مفسِّرةً لأن التوصيةَ في معنى القولِ فقوله تعالى
﴿وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ ما في السماوات وَمَا فِي الارض﴾ حينئذ من تتمة القولِ المحكيِّ أي ولقد قلنا لهم ولكم اتقوا الله وإن تكفروا إلى آخر الآية وعلى تقدير كونِ أنْ مصدرية مبني الكلام إرادة القول أي أمرناهم وإياكم بالتقوى وقلنا لهم ولكم إن تكفروا الآية وقيل هي جملةٌ مستأنفةٌ خوطب بها هذه الأمة وأيما ما كان فالمترتبُ على كفرهم ليس مضمونَ قولِه تعالى فإن لله الآية بل هو الأمرُ بعلمه كأنه قيل وإن تكفروا فاعلَموا إِنَّ للَّهِ مَا فِى السموات وما في الأرض